وليس الصادر منه هو الوجود المستقل بنفسه ، إذ معنى ذلك ، إيجاد الواجب وهو مع امتناعه ذاتا ، خلف الفرض ، فلا محيص عن كون الصادر منه ، هو الوجود غير المستقل ، والقائم به ، وما هو كذلك لا ينقلب عما هو عليه ، ويكون في صلة دائمة بالله وموجده ، وعند ذاك لا يمكن الفصل بين ذاته وفعله ، إذا المتدلي في ذاته ، كيف يكون مستقلا في فعله ؟ ولو أردنا أن نرسم مثالا لكيفية تعلق الممكن بالواجب ، فعليك التأمل في كيفية قوام المعنى الحرفي بالاسمي ، فالأول مسلوب الاستقلال ، تصورا وتحققا ، ودلالة ، فالظرف بالمعنى الحرفي ، لا يتصور ، بلا مظروف ، كما لا يتحقق بدونه ، والحرف مثل " في " تفقد الدلالة إلا بالمدخول . وهذا التشبيه يرسم لنا ، مكانة المعلول الحقيقي بالنسبة إلى الفاعل الإلهي ، نعم ليست المعاليل المادية بالنسبة إلى عللها كذلك ، إذ لا علية ولا معلولية هناك ، بل غاية الموجود في العلل المادية هو استعداد مادة للتبدل إلى مادة أخرى ، بخلع صورة ولبس صورة أخرى ، وليس للمادة دور سوى الاستعداد ، وأما الخلع واللبس ، فهو رهن عوامل غير مرئية . وبما ذكرنا تبطل دعوى التفويض وفصل الفعل عن الله