والشرك ، ويسدل عليها بأسدال الإلحاد والخروج عليها ، لكنها باقية ببقاء ذاته تجيش في كيانه . الفطرة الثانية : هي كراهة النقص وبغضه والفرار من الشر ونبذه ، فيتركه ويذره على حاله ويتنفر عن جواره ، كل ذلك لكي تكتمل فطرة التوحيد عنده وينتهي سيره إلى ربه ، ويتوجه إلى غاية الغايات ونهاية المآرب * ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) * [1] . إذ لا يرى مصداقا لها سوى ذات ربه المحفوف بالكمال ، المحجوب عن خلقه بالجمال المنزه عن العيوب . ثم إنه سبحانه لعلمه بأن عبده سيحجب عن هذه الفطرة بابتلائه بالقوى الحيوانية التي لا مناص له منها في بقاء نوعه وحفظ نسله ، شفع الفطرة بإرسال الرسل وإنزال الكتب لكي يكتمل سيره وسلوكه ، برفع الحجب عن طريق الوعد والوعيد لهم ، لأن مغزى شريعة ما جاء به الأنبياء والرسل يعود إلى الفطرة وأحكامها ، فأصولها عين الفطرة كالدعوة إلى التوحيد وأسمائه وصفاته ، وفروعها مآل الفطرة ، فإن النفس تكتسب الفضائل والكمالات بالصلاة التي هي معراجها إلى ربها ، وبالحج الذي هو وفود إلى كعبة آمالها .