الصالحة وبعضها تميل إلى الشرور والأعمال الطالحة ، فكأن في جوهر الأولى حب الصلاح والفلاح ، وفي جوهر الثانية حب الدنيا وزخارفها ، وإليك بيان تلك العوامل : الأول : اختلاف الناس في النفس المفاضة ، واختلافها ناشئ عن اختلاف النطف المستعدة لقبول الصور الإنسانية ، وإليك توضيحه : إن من القوى الكامنة في الإنسان : القوة المولدة وهي عبارة عن تهيئة المواد اللازمة من جسم الإنسان وجعله مبدأ لإنسان آخر أودعت فيه لحفظ نوعه . وثمة قوة ثانية باسم القوة المغيرة وشأنها تهيئة كل جزء من المني في الرحم ليختص بإيجاد أعضاء خاصة بأن يجعل بعضه مستعدا للعظمية وبعضها الآخر للعصبية ، إلى غير ذلك . ثم إن مادة المني الذي هو أثر القوة المولدة عبارة عن الأغذية ، بعد عمل القوى أعمالها وعبورها عن الهضم الرابع ، ولكن الأغذية مختلفة غاية الاختلاف في الصفاء والكدر واللطافة والكثافة وبتبعه يختلف المني ، ويعبر العلماء عن اختلاف الأغذية باختلافها من حيث الحرارة والبرودة