العقوبات عند العقلاء . الثاني : يمتنع عليه سبحانه إمساك الفيض وقبض الإحسان ، لأنه الفياض المطلق الذي لا يتصور فيه شائبة البخل وعلى ضوء ذلك ، فإذا كان الفاعل فياضا والموضوع قابلا للأخذ والموانع منتفية ، فما هو الوجه عن منع الإفاضة ؟ وإن شئت قلت : إن واجب الوجوب بالذات واجب من جميع الجهات والحيثيات ، فلا يتصور فيه إمكان أن يفعل أو يترك ، بل إما يجب فعله أو يلزم تركه حتى لا يتطرق إليه الإمكان المستلزم للمادة المنزه عنها ، والقول باللزوم في الفعل والترك لا ينافي كونه مختارا ، نظير لزوم ترك الظلم وعدم صدور القبيح الذي لا ينافي كونه مريدا قادرا مختارا في ترك الظلم والقبح . نعم يفاض الجود حسب قبول القابل ، وعلى وفق قابلية السائل ، فإذا تم الاستعداد في القوابل تفاض عليها الصور من المبادئ العالية ، ويكون ما يفاض عليها أكملها وأفضلها . إذا عرفت ذلك فنقول : إن منشأ اختلاف النفوس من بدء نشوئها إلى ارتقائها ، رهن عوامل عديدة نشير إليها ، ولأجل ذلك نرى أن بعض النفوس تسارع إلى الخيرات والأعمال