المؤمنين علي ( ع ) وقال عاطفا على ما تقدم : ( من كنت مولاه فهذا مولاه ) - وفي روايات أخر ( فعلي مولاه ) - ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ) ، فأتى عليه الصلاة والسلام بجملة يحتمل لفظها معنى الجملة الأولى التي قدمها ، وهو أن لفظة ( مولى ) تحتمل معنى ( أولى ) وان كانت تحتمل غيره ، فيجب ان يكون أراد بها المعنى المتقدم على مقتضى استعمال أهل اللغة . وإذا كانت هذه اللفظة تفيد معنى الإمامة بدلالة أنهم يقولون : ( السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعية ) و ( المولى أولى بعبده ) و ( ولد الميت أولى بميراثه من غيره ) وقوله سبحانه : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) لا خلاف بين المفسرين أن المراد : أنه أولى بتدبير المؤمنين والأمر والنهي فيهم من كل أحد منهم . وإذا كان النبي أولى بالخلق من أنفسهم من حيث كان مفترض الطاعة عليهم وأحق بتدبيرهم وأمرهم ونهيهم وتصرفهم بلا خلاف ، وجب أن يكون ما أوجبه لأمير المؤمنين ( ع ) فيكون أولى بالمؤمنين من حيث إن طاعته مفترضة عليهم وأمره ونهيه مما يجب نفوذه فيهم ، وفرض الطاعة يتحقق بالتدبير من هذا الوجه لا يكون الا للنبي أو الامام ، فإذا لم يكن ( ع ) نبيا وجب أن يكون إماما . وأما الطريقة الأخرى في الاستدلال بهذا الخبر فهي : أن لا نبني الكلام على المقدمة ، ونستدل بقوله : ( من كنت مولاه ) من غير اعتبار ما قبله ، فنقول : معلوم أن النبي أوجب لأمير المؤمنين أمرا كان واجبا له لا محالة ، فيجب أن يعتبر ما تحتمله لفظة ( مولى ) من الأقسام وما يصح كون النبي مختصا به منها وما لا يصح وما يجوز أن يوجبه لغيره في تلك الحالة ، وما لا يجوز . وجميع ما تحتمله لفظة ( مولى ) ينقسم إلى أقسام : منها لم لم يكنه عليه الصلاة والسلام ، وهو ( المعتق ) و ( الحليف ) لأنه لم يكن حليفا لأحد ، والحليف : الذي يحالف قبيلة وينسب إليها ، ليتعزز بها . ومنها ما كان عليه السلام - ومعلوم لكل أحد - أنه لم يرده ، وهو :