وهي من قولهم ( شرت العسل ) إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه . وتطلق أيضا على الأمر الذي يتشاور فيه ، يقال : ( صار هذا الشئ شورى بين القوم ) إذا تشاوروا فيه . وذكر في سبب نزول الآية الكريمة أن الأنصار كانوا قبل قدوم النبي ( ص ) المدينة المنورة إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ثم عملوا عليه ، فمدحهم الله تعالى به . وتقرير الاستدلال بها : أن الآية الكريمة مطلقة لأن مورد النزول هنا ليس بقرينة مقيدة . والاطلاق يقتضي حملها على كل أمر يطلب فيه التشاور ما عدا الاحكام والحدود الشرعية لأنها خارجة بالتخصص لدليل العقل القاضي بان عدم خروجها من هذا الاطلاق يستلزم إلغاء تشريعها . ولأن الخلافة لم يرد فيها نص شرعي يبين كيفيتها وشروطها ومواصفاتها تندرج تحت ما يطلب فيه المشورة أو الشورى . والذي يلاحظ على هذا الاستدلال : 1 - ان الآية ليست في مقام التشريع ، وانما هي في مقام بيان أهمية وقيمة التشاور في الأمور العامة التي تتطلب ذلك . وهذا يقتضينا عدم الأخذ بها إذا كان في القرآن الكريم ما يفاد منه تشريع الخلافة كما في الآية الآتية التي استدل بها الشيعة على ذلك . 2 - ان الآية لم تبين من الذين يقتضي أن يقوموا بمهمة التشاور ، وعليه لا بد من الاحتياط المبرئ لذمة المكلف من مسؤولية التكليف والخروج من عهدتها بجمع كل الأطراف المعنية وادخالها في عملية التفاوض والتشاور . وهذا ما لم يتحقق تاريخيا منذ اختيار أول خليفة حتى عهدنا الحاضر ، والامر من الوضوح بمكان لا يفتقر معه إلى إقامة دليل .