نام کتاب : حديث الطلب والإرادة نویسنده : السيد الخميني جلد : 1 صفحه : 48
الأشياء كلها منعزلة عن العلية والتأثير والخواص والآثار ، إلا عادة الله جرت بإيجاد الأشياء ، كالإشراق عند طلوع الشمس ووجودها ، والإحراق عقيب وجود النار ، والإرادة والقدرة في الإنسان ، والفعل عقيب الإرادة ، والعلم بالنتائج عقيب الأقيسة ، وإن الأشياء على السواء كلها في عدم التأثير ، لكن الجاهل بالواقع يرى ترتب الآثار على المؤثرات غفلة عن حقيقة الأمر ، حتى أن قوله : " كل إنسان حيوان وكل حيوان جسم " لا ينتج كل إنسان جسم ، وتكون نسبته إلى النتيجة كنسبة قوله : " ضرب فعل ماض ويضرب فعل مضارع " إليها ، إلا أنه جرت عادة الله على إيجادها عقيب الأولين لا الأخيرين ؟ فالقائل بالتفويض يرى انعزاله تعالى عن التأثير مطلقا في غير المبادي ( 1 ) ، والقائل بالجبر يرى انعزال الخلق عنه مطلقا ( 2 ) واستناد الكل إليه تعالى بلا وسط وعلى نحو المباشرة [ 16 ] . [ 16 ] أقول : إن القول بالتفويض والجبر لم يكن بدعا في الأمة الإسلامية ، بل كان امتدادا للمذهبين العريقين في الديانات القديمة ، فسرى في الأمة الإسلامية بعد امتزاجها بالأمم المغلوبة ، كما أشرنا إليه في ابتداء هذا الشرح . وأما تعرف أول داع إلى كل منهما فمن العسير جدا . قال في كتاب " نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام " : أما أول أصحاب مذهب الإرادة الحرة في الإسلام فهو معبد الجهني ، وقد نشأ معبد في المدينة لا في البصرة ، ثم انتقل إلى البصرة في أواخر حياته . وقد كان من تلامذة أبي ذر الغفاري ، وكان أبو ذر من أعداء عثمان والأموية . وقد أجمعت كتب العقائد الإسلامية على أن معبد الجهني هو أول من تكلم في القدر من المسلمين ، وكان يعلن أنه لا قدر والأمر آنف .