نام کتاب : حديث الطلب والإرادة نویسنده : السيد الخميني جلد : 1 صفحه : 137
ورد من الآيات والروايات التي تعطف آخر الأمر على أوله إنما تسند الأمر إلى الخلق والإيجاد دون ذات الإنسان بما أنه إنسان . إلى أن قال : ويمكن أن توجه هذه الأخبار بوجه آخر أدق يحتاج تعقله إلى صفاء في الذهن وقدم صدق في المعارف الحقيقية ، وهو : أن السعادة والشقاوة في الإنسان إنما تتحققان بفعلية الإدراك واستقراره ، والإدراك لتجرده عن المادة ليس بمقيد بقيودها ولا محكومة بأحكامها ، ومنها الزمان الذي هو مقدار حركتها . ونحن وإن كنا نقدر بالنظر إلى كون المادة تنتهي بحركاتها إلى هذه الفعلية أن السعادة بعد زمان الحركة ، لكنها بحسب حقيقة نفسها غير مقيدة بالزمان ، فما بعد الحركة منها هو بعينه قبل الحركة ، وذلك نظير ما ننسب أمورا حادثة إلى فعل الله سبحانه ، فنقيد فعله بالزمان نقول : خلق الله زيدا في زمان كذا ، وأهلك قوم نوح ، ونجى قوم يونس ، وبعث محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عصر كذا ، فنقيد فعله بالزمان . وإنما هو كذلك من نظرنا إلى نفس الحادثة وكونها مأخوذة في نفسها من دون الزمان والحركة التي انتهت إلى وجودها . وأما لو أخذت مع زمانها وسائر قيود ذاتها على ما هي عليه الأمر في نفسه فالفعل الإلهي غير متقيد بالزمان ، لأنه موجد مجموع الحادث وزمانه وسائر ما يتقيد به ، وإن كنا بالنظر إلى اتحاد ما لفعله الحادث المتقيد بالزمان نقيد فعله بالزمان ، كما نقول : اليوم علمت أن كذا كذا ، ورأيته الساعة ، فنقيد العلم باليوم والساعة وليس بمقيد بهما ، لمكان تجرده ، وإنما المتقيد هو العمل الدماغي أو العصبي المادي الذي يصاحب العلم مصاحبة الاستعداد للمستعد له . فالإنسان لما كان انتهائه إلى تجرد علمي بالسعادة أو الشقاوة - وإن كان مقارنا لجنة جسمانية أو نار كذلك على ما هو ظاهر الكتاب والسنة - فما له من المآل في نفسه لازمان له ، وصح أن يؤخذ قبل كما يؤخذ بعد ، وإن يسمى بدوا كما يسمى عودا ، فافهم ذلك انتهى ( الميزان 8 ، ذيل الآية المشار إليها ) .
137
نام کتاب : حديث الطلب والإرادة نویسنده : السيد الخميني جلد : 1 صفحه : 137