العظيم وقناة السويس وبنما وكورنثوس ، ولكن هذا لا يمنع بل إنه الأصوب ، بأن نظن للوهلة الأولى بتكون هذا المجرى بفعل الماء نفسه ، وشقه الصخر في طريقه ! هذا يا شيخنا هو موقفنا أيضاً أمام " البيضة " التي تعجبت من صنعها ، فهي عندنا ليست مخلوقة بنفسها من قبل أحد ، ولكنها نتاج مسيرة تطور وارتقاء عبر ملايين السنين . . هذا التطور والارتقاء الطبيعي المحكوم بقانون بقاء الأصلح والأكثر ملاءمة ومواءمة للعصر ، هو أصل البيضة وأصل جميع الكائنات الحية على الأرض . لقد احتوت الأرض يا شيخنا الجليل عدداً وافراً من الأورجانيزمات الحية ( البكتيريات والكيانو باكتيريات ، ولربما ترجمتها أنساغ أو أكاسير أو مواد عضوية ) منذ أربعة ملياردات من السنين ، وبدأت الحياة الأولى في المحيطات منذ 580 مليون سنة ، أما على الأرض فقد كانت النباتات الأولى والحيوانات المجهرية قد ظهرت بعد ذلك ب 130 مليون سنة ، أي قبل 450 مليون سنة من عصرنا الحاضر ، نتيجة اختلال جيولوجي يذهب الباحثون اليوم بأنه قد حدث فزاد من تجمع الأكسجين في الطبقة الجوية المحيطة بالأرض . ( طبعاً لست أنا من يقول هذا ، بل هو " أندرو كنول مدرس البيولوجيا والجيولوجيا والفلك والنشوء ، في جامعة هاروارد . راجع النسخة الفرنسية من مجلة Scientific American عدد يوليو 2000 صفحة 28 وما يتبعها ) ومنذ خروج هذه الباكتيريات تعددت الحياة وتنوعت ، وارتقت شيئاً فشيئاً معتمدة على ما تمدها الأرض به من وسائل العيش والتطور ( ومن يدري فلربما وقفنا يوماً بالتفصيل الممل أمام هذه المعارف الأساسية ) . نحن اليوم نعلم هذا ليس من الفلسفة أو التنظير فقط ، ولكن بالدرجة الأولى من الأبحاث العلمية في الأحافير المتنوعة التي وجدها الباحثون على سطح الأرض ، والتي تشكل أرشيفاً مفصلاً للحياة وتطورها وارتقائها .