والله لا أتحوَّل منه ثلاثة أيام ، ملأ الله قلوبكم رعباً ، قال : وكان بذلك المكان الذي كنَّا فيه دبا كثير ، فوالله إني لبين اليقظان والنائم إذ سمعت وقع حوافر الخيل ، فقلت في نفسي : هذا صوت الدبا ، ثم إني سمعته أشد ذلك ، فانتبهت ومسحت عيني وقلت : لا والله ما هذا بالدبا ، قال : وذهبت لأقوم فإذا أنا بهم قد أشرفوا علينا من التل فكبَّروا ، ثم أحاطوا بأبياتنا ، وخرجنا نشتدّ على أرجلنا ، وتركنا خيلنا . قال : فأمرُّ على شمر وإنه لمتّزرٌ ببرد محقّق ، وكان أبرص فكأني أنظر إلى بياض كشحيه من فوق البرد ، فإنه ليطاعنهم بالرمح قد أعجلوه أن يلبس سلاحه وثيابه فمضينا وتركناه ، قال : فما هو إلاَّ أن أمعنت ساعة إذ سمعت : الله أكبر قُتل الخبيث ( 1 ) . وقال القندوزي الحنفي في قصة المختار وانتقامه من قتلة الحسين ( عليه السلام ) : فتبعوا المختار ، فملكوا الكوفة ، وقتلوا الستة آلاف الذين قاتلوا الحسين ( عليه السلام ) ، وقُتل رئيسهم عمر بن سعد ، وخصَّ شمر بمزيد نكال ، وأوطأ الخيل صدره وظهره لأنه فعل ذلك بالحسين ( عليه السلام ) ( 2 ) . وعن ابن عياش ، عن الكلبي قال : رأيت سنان بن أنس الذي قتل الحسين ( عليه السلام ) يَحدِث في المسجد ، شيخ كبير قد ذهب عقله ( 3 ) ، وفي سنان لعنه الله يقول الشاعر : < شعر > وأيُّ رزيَّة عَدَلَتْ حُسيناً * غَدَاةَ تبيرُهُ كفّا سِنَانِ ( 4 ) < / شعر > قال أبو مخنف : وإن رجلا من كندة - يقال له : مالك بن النسر من بني بداء - أتى الحسين ( عليه السلام ) فضربه على رأسه بالسيف ، وعليه برنس له ، فقطع البرنس
1 - تاريخ الطبري : 4 / 525 - 526 ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : 23 / 191 - 192 . 2 - ينابيع المودة ، القندوزي : 3 / 28 . 3 - ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من كتاب بغية الطلب في تأريخ حلب ، ابن العديم : 182 ح 166 . 4 - الجوهرة في نسب الإمام علي وآله ( عليهم السلام ) ، البري : 45 ، الاستيعاب ، ابن عبد البر : 1 / 395 .