نام کتاب : الشافي في الامامة نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 169
ذكرناه ما فزع خصومنا إلى غلبة الظن والاستحسان [1] وغيرهما مما يسمونه اجتهادا ، وإذا ثبت ذلك وكنا مكلفين للعلم بالشريعة والعمل بها وجب أن يكون لنا مفزع نصل من جهته إلى ما اختلفت أقوال الأمة فيه . فأما قولك : " وهذا يبطل بما دللنا عليه من صحة الاجتهاد " فقد دلت الأدلة الواضحة عندنا على إبطال ما تسميه اجتهادا ، وأحد ما يدل على ذلك ، أن الاجتهاد في الشريعة عندكم هو طلب غلبة الظن فيما لا دليل عليه ، والظن لا مجال له في الشريعة ، ولا يصح أن يغلب في الظن تحريم شئ منها أو تحليله ، لأن الشريعة مبنية على ما يعلمه الله تعالى من مصالحنا التي لا عهد لنا فيها ولا عادة ولا تجربة . ألا ترى أنه تعالى قد حرم شيئا وأباح مثله ، وما هو من جنسه وأباح شيئا وحظر مثله ، وما صفاته كصفاته [2] ، فكيف يمكن أن يستدرك بالظن الحلال والحرام من هذه الشريعة ، وما يوجب الظن ويقتضيه مفقود فيها ؟ . وما يذكره خصومنا عند ورود هذا الكلام عليهم من قولهم : " إن الظن يغلب في الشريعة وإن لم يكن له طريق معلوم مقطوع عليه كما يغلب ظن أحدنا أنه إذا أراد التجارة خسر أو ربح ، وإذا سلك بعض الطريق عطب [3] أو سلم إلى غير ما ذكرناه مما يغلب ظن العقلاء فيه ، وإن لم يمكن الإشارة إلى ما اقتضى الظن بعينه فكذلك لا ينكر أن يغلب ظن العلماء في الشريعة بما يوجب الحاق المحرم بالمحرم والمحلل بالمحلل " ، لا يغني عنهم في دفع كلامنا شيئا ، لأن سائر ما يذكرونه إنما يغلب ظن
[1] يراجع في قاعدة الاستحسان الموافقات للشاطبي ج 4 ص 205 - 210 . [2] حرم الربا وحلل المضاربة ، وأباح النكاح وحظر السفاح وهكذا . [3] عطب : هلك .
169
نام کتاب : الشافي في الامامة نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 169