وإما عبادتهم لذلك الشفيع ، حيث قالوا : وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى . وأين هذا من جعل الأنبياء شفعاء ، لا شركاء معه في الدعاء ، فإن الاستشفاع بهم لا يكون كفرا ولا شركا لوجهين ، بين مجمل ومفصل : أما الوجه الأول فهو أن للإمامية - بل وقاطبة المسلمين الذين يجوزون الاستشفاع - سؤالا من ابن عبد الوهاب ، وهو أنه هل ثبتت الشفاعة في الشريعة أم لا ؟ . فإن قال : لا . أنكر ما أقر به أولا : من أن الشفاعة أعطاها الله غير النبي أيضا وأنكر على الله ما في القرآن ، وإن قال : نعم . قلنا له هل الشفيع شريك مع الله في المغفرة ؟ أو أنه شريك مع المشفوع له في طلب المغفرة ، فإن قال بالأول فقد أثبت لله سبحانه الشريك ، وصار إلى ما فر منه ، وإن قال بالثاني أقر بالحق الذي عليه المسلمون ، وإن قال بالفرق بين الدنيا والآخرة قلنا له : إن ما يكون شركا في الدنيا لا يكون طاعة في الآخرة ، وإن الشرك شرك وقبيح في الدنيا والآخرة . وأما الوجه التفصيلي الثانوي فهو أنه لو كان التوسل بالشفيع عبادة له لما جاز الأمر بالتوسل في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة فإن المراد بالوسيلة ما يتوسل به إلى الله تعالى ، ولا يختص بالأفعال العبادية ، أو مطلق الطاعة ، أو الكتاب والسنة ، بل اللفظ بظاهره عام ، لا معدل عنه . فيعم مطلق الوسائل التي أمر الله تعالى باتباعها ، والاعتصام بها ، من الأنبياء الذين هم حبل الله الممدود من السماء في قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا .