ثم أقول بتجرد كامل : هل يمتلك ذلك البعض المعاند تفسيرا مقنعا عن علة جمع رسول الله صلى الله عليه وآله لعشرات الآلاف من المسلمين الذين أنهكتهم مراسم الحج ، ووعثاء السفر ، والشوق العارم للأهل والأولاد غير أمر الخلافة والوصاية ؟ بل هل ترتضي العقول بتفسير سطحي ساذج لا معنى له لتبرير هذه المعاندة للحق ، والمخالفة له ؟ إنه مجرد تساؤل . 5 - تبليغ سورة براءة : لكثر ما تساءلت تارة في نفسي وأخرى مع أحد محادثي عن سر غفلة البعض في إدراك مغزى هذه الواقعة التي لم يختلف اثنان في تفاصيلها ودقائق منقولاتها ، رغم اتفاقهم على نتائجها وما ترتب عليها ، وذلك ما ينبغي أن يلتفت إليه الجميع . ولعل الحق المستوحى من استقراء أطراف القضية يشير بوضوح إلى أن هناك من يسلم بها ككل متكامل باعتبارها من الأدلة المثبتة لاستخلاف علي عليه السلام ، دون التأمل في مفرداتها ودقائقها ، حين يتجاهل الطرف الآخر حتى مجرد التأمل في شكلها الخارجي المظهري ، وهنا يكمن السر في هذه الغفلة محل التساؤل . ولنشرع أولا في استعراض تفاصيل هذه الواقعة كما اتفق الجميع على نقلها : فبعد نزول الأمر الإلهي القاطع بحجب المشركين عن بيت الله الحرام ، حيث يجب أن لا يدخله بعد إلا مسلم ، وأن لا يطوف بعد ذلك في البيت عريان . . الخ كما هو في سورة براءة ، أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر بهذه السورة ، وأمره أن يبلغها الناس في مكة . تقول المصادر المختلفة : إن أبا بكر سار بها ثلاثا ، ولم يحدث شئ ، حتى نزل الأمر الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وآله بأن يلحق علي عليه