ولكن الله يقول : ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) [1] وإنّه من معجزات الله سبحانه أن تخرج فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) بعد ستّة قرون من الحكم الجائر الظالم له ولأهل بيته ، إذ لم يكن العبّاسيون أقلّ بغضاً وحسداً ونكاية وتقتيلاً لأهل البيت النبوي من أسلافهم الأمويين ، حتّى قال أبو فراس الحمداني في ذلك : ما نال منهم بنو حرب وإنّ عظمت * تلك الجرائر إلاّ دون نيلكم كم غدرة لكم في الدين واضحة * وكم دم لرسول الله عندكم أنتم له شيعة في ما ترون وفي * أظفاركم من بنيه الطاهرين دم فإذا خلصت بعد كلّ تلكم الأحاديث ، وخرجت من تلكم الظلمات ، فلتكن لله الحجّة البالغة ، ولئلا يكون للناس على الله حجّة بعد ذلك . ورغم أنّ أبا بكر كان هو الخليفة الأوّل ، وله من النفوذ ما قد عرفنا . ورغم أنّ الدولة الأموية كانت تجعل عطاء خاصاً ورشوة لكلّ من يروي في حقّ أبي بكر وعمر وعثمان . ورغم أنّها اختلقت لأبي بكر من الفضائل والمناقب الكثير ممّا سودت صفحات الكتب . مع ذلك فلم يبلغ معشار عشر حقائق الإمام علي ( عليه السلام ) وفضائله . أضف إلى ذلك أنّك إذا حلّلت الأحاديث المروية في فضائل أبي بكر ، وجدتها لا تتماشى مع ما سجّله له التاريخ من أعمال تناقض ما قيل فيه ، ولا يقبلها عقل ولا شرع ، وقد تقدّم شرح ذلك في حديث لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أمتّي لرجح إيمان أبي بكر . ولو كان يعلم رسول الله أنّ أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان ، ما كان ليؤمّر عليه أُسامة بن زيد ، ولا ليمتنع من الشهادة له كما شهد على شهداء أحد