يتحقّق إلا بالاعتماد على الأحاديث الصحيحة ، والابتعاد عن المؤثرات العاطفية والتعصّبات المذهبية والنزعات القومية أو الوطنية . فخاض في هذا المضمار بروح بنّاءة وعقلية منفتحة ، محاولاً عدم التهرّب من الحقيقة ، وعدم محاولة طمسها عندما لا تتماشى مع ميوله وأهوائه وأغراضه ، فواجه نصوصاً صريحة قلبت عنده الموازين ، ثمّ أدرك الحقّ الذي لا يصل إليه إلاّ الذي يتحرّر عن تعصّبه الأعمى وكبريائه وينصاع للدليل الواضح . الشكّ والحيرة ثمّ الاستبصار بقي التيجاني متحيّراً لفترة تتجاذبه الأفكار وتموج به الظنون والأوهام ، خائفاً من مواصلة البحث ، لا سيّما حول تاريخ الصحابة ، خشية أن يقف على بعض المفارقات المذهلة في سلوكهم ، فاستغفر الله مرّات عديدة ، ثمّ قرّر عدم مواصلة البحث ، لكن دفعه حرصه على بلوغ الحقيقة إلى أن يقحم نفسه في البحث والتتبّع في مجال العقيدة ليكون على بصيرة من أمره . واستمر في بحثه مقتحماً جميع العقبات التي كانت تعتري سبيله حتّى أشرقت له الحقيقة ، فأبدل أفكاراً متحجرة متعصّبة تؤمن بالتناقضات بأفكار نيّرة متحرّرة ومنفتحة تؤمن بالدليل والحجّة والبرهان . فيقول في هذا الجانب : " غسلت دماغي من أوساخ رانت عليها - طوال ثلاثين عاماً - أضاليل بني أُميّة ، وطهّرته بعقيدة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً " . وصف حالة الاستبصار يقول الدكتور التيجاني حول استبصاره : " كان التحوّل بداية السعادة الروحية إذ أحسستُ براحة الضمير وانشرح