* الجواب : إن كلّ الجهل مصيبة ، فالتأويل بغير دليل ولا قرينة يُعدُّ مصيبةٌ أكبر وأعظم . فأنا أراعي مسألة التأويل إذا كان لا بدّ منه كما في الآيات التي تتكلّم عن يد الله وعين الله ووجه الله واستوائه عزّ وجلّ ، فلا بدّ من تأويل هذه الآيات على غير التجّسيم والتّشبيه ، وذلك للأدلّة العقلية والنّقلية ومنها قوله : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئ ) . أمّا أن يتأوّل الشيعة قول الله : ( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَأ الْعَظِيمِ ) [1] ، بأنّ النبأ العظيم هو علي بن أبي طالب : فهو تأويل باطل . أمّا أن يتأوّل المعتزلة قول الله : ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ ) [2] ، بأنّه يجوز تقديم المفضول على الفاضل بحجّة أنّ أبا بكر تقدّم على علي في الخلافة ، وكان أقلّ منه فضلاً وعلماً ، فهذا تأويل باطل . أمّا أن يتأوّل أهل السنّة قوله : ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان ) [3] ، بما ابتدعه عمر بن الخطاب فجعل الطلاق الثلاث في جلسة واحدة لفظياً وليس عمليّاً ، فهذا تأويل باطل . ولا أشكّ في أنّكم توافقونني على رفض مثل هذه التأويلات ولكن المصيبة العظمى هي أنّ هذه التأويلات لا تصدر إلاّ من العلماء أو الذين تسمّوا بالعلماء وهم موجودون في كلّ فرقة ، فلا تخلو منهم طائفة شيعيّة كانت أم سنّية قدرية أم جبرية مفوّضة أم حلولية . ونحن ما لنا وكلّ هذه التأويلات التي لا نُكلَّفْ بها كيف نترك الظّاهر البيّن باليقين ونبحث عن الباطن المغلّف بالشّكوك ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أُمرتُ أنْ أحكُمَ بالظَّاهر والله يتولّى السَّرائر "
[1] سورة النبأ : 1 - 2 . [2] سورة يونس : 35 . [3] سورة البقرة : 229 .