تدل على رضاه عن كل مبايع تحتها وإن كان منافقا ، ولو قال : لقد رضي الله عن المبايعين تحت الشجرة لدل على رضاه عن آحادهم ، ولم يقل ذلك بل علق الرضا على الايمان والبيعة جميعا " .
ويرد عليهم بقوله تعالى : * ( إذ يبايعونك ) * فإن " إذ " ظرف ، وسواء كانت ظرفا محضا أو كانت ظرفا فيها معنى التعليل ، فإنها تدل على تعلق الرضا بالمبايعين ، فعلم أن جميع المبايعين من المرضي عنهم .
ويرد عليهم أيضا بما ذكره هاشم البحراني - وهو من علمائهم - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :
" كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة ، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم : أنتم اليوم خيار أهل الأرض " فبايعنا تحت الشجرة على الموت ، فما نكث أصلا أحد إلا ابن قيس وكان منافقا .
" وابن قيس هذا هو : الجد بن قيس تخلف عن بيعة الرضوان تحت الشجرة واستتر بجمل أحمر ، وجاء في الحديث : " كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر " . " .
وبهذا يتبين أن الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم أبعد الناس عن الاتصاف بصفة الارتداد ، أو النفاق ، كيف لا ، وقد رضي الله عنهم ، ورضي عنهم رسولهم صلى الله عليه وسلم ، وصرح الله تعالى ، وصرح رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك في مواضع عديدة . فليسوا هم الذين يختلجون ، وليسوا الذين يذادون عن الحوض ، بل هم أول من يشرب منه لفضلهم ، فهم أفضل الناس بعد الأنبياء
