ثم هم أيضا غير موجودين في أسانيد الأخبار المخرجة في دواوين أهل السنة إلا على سبيل القلة والندرة ، وإنما الموجود فيها أهل التشيع بغلو أو بلا غلو كما سبق عن الذهبي .
وأما الثاني : فإنا وجدنا الكذب شائعا أيضا في أصناف من أهل السنة كالمتعصبين من أهل الجمود في التقليد . وكذا القصاص والوعاظ ، بل وفيمن هو خير منهم كالزهاد والعباد حتى قال يحيى القطان : ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيما ينسب إلى الخير والزهد .
وأسند الذهبي في ترجمة جعفر المستغفري [1] من تذكرة الحفاظ عنه قال : سمعت ابن مندة الحافظ يقول : إذا وجدت في إسناد زاهدا فاغسل يدك من ذلك الحديث [2] .
وقال ابن الصلاح : أعظم الوضاعين ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث احتسابا فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة بهم وركونا إليهم ا ه .
وقال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : لقد أدركت بالمدينة أقواما لو استسقى بهم القطر لسقوا ، وقد سمعوا من العلم والحديث شيئا كثيرا وما أخذت عن واحد منهم وذلك أنهم كانوا قد ألزموا أنفسهم خوف الله والزهد ، وهذا الشأن يحتاج إلى رجل معه تقى وورع وصيانة واتقان وعلم وفهم ويعلم ما يخرج من رأسه وما يصل إليه غدا في القيامة ، فأما زهد بلا إتقان ولا معرفة فلا ينتفع به ، وليس هذا بحجة ولا يحمل عنهم العلم .
