عمر بن عبد العزيز ، أتته الدنيا فتركها . 51 - حدثنا أحمد قال : حدثنا بذلك ابن أبي الدنيا قال : حدثنا أبو علي المديني قال : حدثنا فطر بن حماد بن واقد قال : حدثنا أبي قال : سمعت مالك ابن دينار يقول : يقولون ما لك زاهد ! ! أي زهد عند مالك ، وله جبة وكساء ، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فاغرة فاها فتركها . وفيه قول آخر ، قاله أبو سعيد : قال أبو سعيد : هو ترك المحظور كله ، وترك الحلال والمباح قبل الحاجة والضرورة إليه ، قالوا : فإن أكل قبل أن يجوع ، أو شرب قبل أن يعطش ، أو رقد قبل أن ينعس ، أو جامع قبل حلول الحاجة إليه ، فقد مال إلى التلذذ ، والتلذذ من الدنيا . ثم الزهد في الراحة لتكون كل أوقاته مستغرقة الشغل بالعبادة والذكر ، فإن لم يكن كذلك ، فقد بقي عليه بقية من الزهد . وكذلك في معاشرة الناس ، والحديث ، والكلام ، وكل ما فعل من ذلك قبل وجوبه عليه ، أو حاجته إليه ، فهو ميل إلى الدنيا ، وهو من الفضول ، والدنيا بأسرها من الفضول ، إلا ما استعين به منها على الآخرة . قالوا : كيف ذلك ، لو تنفل بشئ من أعمال البر وغيرها ، إذ لابد منها في الوقت كرجل عليه دين ، يمكنه قضاؤه ، فيؤخره إلى وقت يأتي ، أو صلاة قد وجب فرضها بدخول الوقت ، أو حج قد وجب للاستطاعة . واختلفوا فيه إذا تعالج من علة ، فقال قائلون إنما ذلك رغبة في الصحة والحياة الدنيا .