الإسناد إلى الكلّ بحسب البعض كثير ، والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه ، وأن مخفّفة وضمير الشأن اسمها محذوف ، أي أيحسب الإنسان الَّذي ينكر البعث أنّ الشأن والقصّة لن نجمع عظامه البالية ؟ فإنّ ذلك حسبان باطل فإنّا نجمعها بعد تشتّتها وبعد ما نسفتها الريح وطيّرتها في أقطار الأرض وألفتها في البحار .
* ( [ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَه ُ ] ) * إيجاب لما ذكر بعد النفي وهو الجمع أي نجمعها حالكوننا قادرين أن نجمع سلامياته ونضمّ بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام . جمع سلامي كحبارى وهي العظام الصغار في اليد والرجل وفي الحديث « كلّ سلامي من الناس عليه صدقة كلّ يوم تطلع فيه الشمس » أي على صاحبه صدقة من أيّ أنواع الصدقة من قول أو فعل أو مال . والبنان مفرد اللفظ مجموع المعنى وفي تأويل العظام إشارة إلى كبار الأعمال من الحسنة والسيّئة ، وفي البنان إلى صغار الأعمال من الحسنة والسيّئة فإنّ اللَّه يجمع كلَّا منهما بالحساب ويجازي عليها .
* ( [ بَلْ يُرِيدُ الإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَه ُ ] ) * واللام في « ليفجر » للتأكيد مثل قوله « 1 » : « وَأَنْصَحُ لَكُمْ » في أنصحكم . فأضرب سبحانه عن توبيخهم في إنكار البعث ووبّخهم بفجورهم أي يريد الإنسان ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات ويستديم عليه ويريد الحياة لا لما ينفعه بل ليتعاطى الفجور .
* ( [ يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ] ) * أصل أيّان « أيّ آن » وهو خبر مقدّم لقوله : « يَوْمُ الْقِيامَةِ » أي متى يكون ؟ قيل : هذا السؤال استهزاء فالمراد بالفجور حينئذ هو التكذيب وقيل : معناه إنّه يقول : أعمل وأتوب ، يستعجل بالمعصية ويسوّف التوبة ويقول غد بعد غد .
* ( [ فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ] ) * أي شخص وتحيّر فزعا عند معاينة الموت فلا يطرف من شدّة الخوف ، وقيل : لما يرى من أهوال القيامة ، من برق الرجل « 2 » إذا نظر إلى البرق فدهش ثمّ استعمل في كلّ حيرة وإن لم يكن هناك نظر إلى البرق .