استخرج وكان ذلك دلالة على صدقه ، وكيف يكون المرض من فعلهم ولو قدروا على ذلك لقتلوه وقتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدّة عداوتهم لهم .
وقال أبو مسلم : المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليستهلّ حلَّها ، والنفّاثات في الآية هي جنس النساء اللاتي شأنهنّ أن يغلبن على الرجال ويحوّلنهم عن آرائهم بأنواع المكر والحيلة ولأجل استقرار حبّهنّ في قلوب الرجال يتصرّفن فيهم ويحوّلنهم من رأي إلى رأي فأمر اللَّه تعالى بالتعوّذ من شرّهنّ . والسحر عند المعتزلة تخييل لا أصل له وعند بعض قالوا :
تمريض وتأثير بما يتّصل به كما يخرج من فم المتثائب ويؤثّر في المقابل وقال بعض :
سرعة الحركة ولطافة الفعل فيما خفي فهمه .
* ( [ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ ] ) * قال النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله : الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وأوّل ذنب عصي اللَّه به في السماء حسد إبليس لآدم فأخرجه من الجنّة فطرد وصار شيطانا رجيما وفي الأرض قابيل لأخيه هابيل فقتله فأمر اللَّه بالتعوّذ من شرّه ، والحسد الأسف على نعمة عند الغير أو تمنّي زوالها من الغير .
قال الزمخشريّ : عرّف سبحانه بعض المستعاذ منه ونكّر بعضه مثل أن عرّف « النفّاثات » لأنّ كلّ نفّاثة شريرة ونكّر « غاسق » لأنّ كلّ غاسق لا يكون فيه الشرّ إنّما يكون في بعض دون بعض وكذلك كلّ حاسد لا يضرّ وربّ حسد محمود وهو الحسد في الخيرات .
قيل : المراد أنّه تعالى أراد وأمر بالتعوّذ من شرّ نفث الحاسد ومن شرّ عينه فإنّه ربّما أصاب بهما .
وروى أنس أنّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله قال : من رأى ما يعجبه فقال : اللَّه اللَّه ما شاء اللَّه لا قوّة إلَّا باللَّه لم يضرّه شيئا . وقد جاء في الحديث أنّ العين حقّ .
قال الحسين بن الفضل : ذكر اللَّه الشرور في هذه السورة ثمّ ختمها بالحسد ليعلم أنّه أخبث الطبائع .
ونسب بعض إلى عبد اللَّه بن مسعود أنّ هاتين السورتين ليستا من القرآن و