وفي عين المعاني المراد من « الناس » في الآية أهل اليمن قال صلَّى اللَّه عليه وآله : الإيمان يمانيّ والحكمة يمانيّة .
وعن جابر بن عبد اللَّه أنّه بكى ذات يوم فقيل له في ذلك فقال : سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله يقول : دخل الناس في دين اللَّه أفواجا وسيخرجون أفواجا .
* ( [ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْه ُ ] ) * هذا أمر من اللَّه بأن ينزّهه عمّا لا يليق به من صفة النقص وأن يستغفره لأنّ النعمة يقتضي الشكر والقيام بحقّها وتعظيم المنعم من لوازم العبوديّة فكأنّه قال : قد حدث أمر عجيب يقتضي الشكر والاستغفار وإن لم يكن ذنب فإنّ الاستغفار قد يكون عند ذكر المعصية وقد يكون على وجه التسبيح والانقطاع إلى اللَّه ويمكن أن يكون الأمر بالاستغفار من باب « إيّاك أعني واسمعي » أو المراد استغفره هضما لنفسك واستغفارا لعملك واستعظاما لحقوق اللَّه وتعجّبا من هذا الأمر العظيم من الغلبة على الكفّار بأن تقول : سبحان اللَّه كما ورد في الأذكار « ولكلّ أعجوبة سبحان اللَّه » وقد اقترن الحمد بالتسبيح في القرآن في أغلب الموارد نحو « 1 » « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ » وحاصل المعنى : فاذكره مسبّحا حامدا وزد في عبادته والثناء في عبادته لزيادة إنعامه أو المراد من التسبيح مجاز عن الصلاة بعلاقة الجزئيّة ، روي أنّه صلَّى اللَّه عليه وآله لمّا فتح باب الكعبة صلَّى صلاة الضحى أربعا منها للشكر وأربعا للضحى * ( [ إِنَّه ُ كانَ تَوَّاباً ] ) * مبالغا في قبول توبتهم .
قيل : لمّا نزلت السورة قرأها على أصحابه ففرحوا واستبشروا وسمعها العبّاس فبكى فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : ما يبكيك يا عمّ ؟ فقال : أظنّ أنّه قد نعيت إليك نفسك يا رسول اللَّه فقال صلَّى اللَّه عليه وآله : إنّه كما تقول : فعاش بعدها سنتين أو سنة .
واختلف في أنّهم من أيّ وجه علموا ذلك وليس في ظاهره نعي فقيل : لأنّ التقدير فسبّح بحمد ربّك فإنّك لاحق باللَّه وذائق الموت لأنّ أمرك قد تمّ وكمل وكلّ ما كمل توقّع زواله ، وبعد هذه السورة كان صلَّى اللَّه عليه وآله كثيرا ما يقول : سبحانك اللهمّ وبحمدك اللهمّ اغفر لي إنّك أنت التوّاب الرحيم .