حدثا تقلَّون فيه وتذلَّون وأنتم أهل حرم اللَّه وأشرف ولد آدم ، قالوا : نحن لك تبع فليس عليك منّا خلاف فأمرنا بأمرك ، فجمع كلّ بني أب على الرحلتين في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام للتكسّب فما ربح الغنيّ يكون ليقسّم بينه وبين فقرائهم فاستداموا على هذا الأمر حتّى كان فقيرهم كغنيّهم فجاء الإسلام وهم على ذلك .
وقريش ولد النضر بن كنانة ومن لم يلده فليس بقريش واختلفت في تسميتهم بهذا الاسم قيل : سمّوا قريشا لأنّهم لم يكونوا أهل زرع وضرع وكانوا يكتسبون . والقرش الكسب ، وقال ابن عبّاس : سمّوا « قريش » بالتصغير للتعظيم من القرش وهو دابّة بحريّة عظيمة تعبث بالسفن وتقلبها وتكسرها ولا تطاق إلَّا بالنار ولا يقدر أحد عليها فشبّهوا بها لأنّها تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى ووصفوا بالغلبة وعدم المغلوبيّة قال شاعر هم :
وقريش هي الَّتي تسكن البحر بها سمّيت قريش قريشا تأكل الغثّ والسمين ولا تت رك فيه لذي الجناحين ريشا هكذا في البلاد حتّى قريش يأكلون البلاد أكلا كميشا « 1 » ولهم آخر الزمان نبيّ يكثر القتل فيهم والخموشا « 2 » وقيل : سمّوا قريشا لتجمّعهم من هاهنا وهاهنا وضمّ بعضهم إلى بعض وتجمّعهم إلى الحرم أو لأنّ النضر بن كنانة اجتمع في ثوبه يوما فقالوا : تقرّش نضر ، أو سمّيت بقريش بن يخلد بن غالب بن فهر ، وكان ابن يخلد صاحب عيرهم فكانوا يقولون : قدّمت عير قريش وخرجت عير قريش انتهى .
* ( [ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ ] ) * بسبب تينك الرحلتين اللَّتين تمكّنوا منهما أو بسبب دعوة إبراهيم يجبى إليه ثمرات كلّ شيء * ( [ مِنْ جُوعٍ ] ) * شديد كانوا فيه قبلهما إلى أن جمعهم على الغنى عمرو العلى « 3 » على الرحلتين كما ذكر سابقا