ولا الضالَّين قل : لا إله إلَّا اللَّه » فأتى صلَّى اللَّه عليه وآله ورقة وذكر له ذلك فقال له ورقة : ابشر ابشر فأنا أشهد أنّك الَّذي بشّر به ابن مريم وإنّك على مثل ناموس موسى وإنّك نبيّ مرسل وإنّك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ولئن أدركني ذلك لأجاهدنّ معك . فلمّا توفّي ورقة قال رسول اللَّه : « لقد رأيت القسّ في الجنّة عليه ثياب الحرير لأنّه آمن بي وصدّقني » يعني ورقة .
* ( [ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ] ) * أي ما يوحى إليك يا محمّد وقوله : « علَّم الإنسان ما لم يعلم » يؤيّد أنّ هذه السورة أوّل ما نزلت عليه . وأوّل ما ابتدأ به رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله حين أراد اللَّه به النبوّة الرؤيا الصالحة كان لا يرى رؤيا إلَّا جاءت كفلق الصبح فلا يشكّ فيها أحد كما لا يشكّ في وضوح ضياء الصبح ، وإنّما ابتدأ صلَّى اللَّه عليه وآله بالرؤيا لئلَّا يفجأه الملك الَّذي هو جبرئيل بالرسالة فلا تتحمّلها قوّة البشريّة لأنّها لا تحتمل رؤية الملك وإن لم يكن على صورة الأصليّة ولا على سماع صوته فكانت الرؤيا تأنيسا له وكانت مدّت الرؤيا ستّة أشهر وكان عليه السّلام في تلك المدّة إذا خلا يسمع نداء يا محمّد يا محمّد ويرى نورا يقظة وكان صلَّى اللَّه عليه وآله يخشى أن يكون الَّذي يناديه تابعا من الجنّ كما ينادي الكهنة وكان في جبل حراء غار وهو الجبل الَّذي نادى رسول اللَّه بقوله :
إليّ يا رسول اللَّه لمّا قال له « ثبير » وهو على ظهره : اهبط عنّي يا رسول اللَّه فإنّي أخاف أن تقتل على ظهري ، وكان صلَّى اللَّه عليه وآله يتعبّد في ذلك الغار ليالي ثلاثا وسبعا وشهرا ويتزوّد لذلك من الكعك « 1 » والزيت وأوّل من تعبّد فيه من قريش جدّه عبد المطَّلب ثمّ تبعه سائر المتألَّهين وهم أبو اميّة بن المغيرة وورقة بن نوفل ابن عمّ خديجة وكان ورقة قد قرء الكتب وكتب الكتاب العبريّ وكان شيخا كبيرا قد عمي في أواخر عمره .
ثمّ لمّا بلغ عليه صلَّى اللَّه عليه وآله رأس الأربعين ودخلت ليلة سبع عشرة من رمضان جاءه الملك وهو في الغار كما قال الصرصريّ :
وأتت عليه أربعون فأشرقت شمس النبوّة منه في رمضان قالت عائشة : جاءه الملك سحر يوم الاثنين فقال : اقرأ قال : ما أنا بقارئ