والغنى غنى النفس أي أزال عنك فقر النفس وجعل لك الغنى الأكبر وذلك حقيقا الغنى .
ثمّ أوصاه باليتامى والفقراء وهي من مكارم الأخلاق فقال : * ( [ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ] ) * أي لا تذلَّله أو لا تغلبه على ماله فتذهب بحقّه لضعفه كما كانت العرب تفعل في أمر اليتامى وكان النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله يبرّ ويحسن إلى اليتامى ويوصي بهم . وفي الآية إشارة بأن كنت يتيما فآويناك فافعل أنت كذلك باليتامى .
وعن ابن أبي أوفى قال : لقد كنّا جلوسا عند رسول اللَّه فأتاه غلام فقال :
غلام يتيم وأخت لي يتيمة وامّ لي أرملة أطعمنا ممّا أطعمك اللَّه وأعطاك اللَّه ممّا عنده حتّى ترضى قال صلَّى اللَّه عليه وآله : ما أحسن ما قلت يا غلام اذهب يا بلال فأتنا بما عندنا فجاء بواحدة وعشرين تمرة ولم تكن غيرها شيء لهم فقال النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله : سبع لك وسبع لأختك وسبع لأمّك فقام إليه معاذ فمسح رأسه وقال : جبر اللَّه يتمك وجعلك خلفا من أبيك وكان اليتيم من أبناء المهاجرين فقال النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله : رأيتك يا معاذ وما صنعت قال : رحمته قال صلَّى اللَّه عليه وآله : لا يلي أحدكم يتيما فيحسن ولايته ووضع يده على رأسه إلَّا كتب اللَّه له بكلّ شعرة حسنة ومحا عنه بكلّ شعرة سيّئة ورفع له بكلّ شعرة درجة وقال صلَّى اللَّه عليه وآله : أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة إذا اتّقى اللَّه . وأشار بالسبّابة والوسطى .
* ( [ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ] ) * النهر الزجر بمغالظة أي فلا تزجره ولا تغلظ له بالقول بل ردّه ردّا جميلا ولسانا ليّنا إذا حرمته وما أطعمته بسبب عدمك قال رسول اللَّه : إذا أتاك سائل على فرس باسط كفّيه فقد وجب له الحقّ ولو بشقّ تمرة يريد أعط السائل كما أعطاك اللَّه وأنت كنت عائلا وقيل : المراد بالسائل طالب العلم وهو متّصل بقوله : « ووجدك ضالًّا فهدى » والمعنى علَّم من يسألك كما علَّمك اللَّه الشرائع وكنت بها غير عالم .
وفي الآية بيان لجميع المكلَّفين لأنّ جميع الخلق كانوا فقراء في الأصل فإذا أنعم اللَّه عليهم وجب أن يعرفوا حقّ الفقراء مالا كان أو علما . وقال إبراهيم النخعي :