الليل داج والعصاة نيام والعابدون لذي الجلال قيام * ( [ وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثى ] ) * أي والَّذي خلق الذكر والأنثى وعلى هذا يكون « ما » بمعنى « من » وقيل : معناه خلق الذكر والأنثى فتكون « ما » مصدريّة والمراد من الذكر والأنثى آدم وحوّاء أو جميع ذكر وأنثى وقرأ ابن مسعود الآية « والذكر والأنثى » قال : وهكذا سمعت رسول اللَّه يقرؤها .
* ( [ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ] ) * هذا جواب القسم أي إنّ أعمالكم لمختلفة فعمل للجنّة وعمل للنار والسعي مصدر مضاف ومن صيغ العموم ، ولذا أخبر عنه بالجميع وشتّى جمع شتيت مثل مرضى ومريض وهو المتفرّق المتشتّت أي مساعيكم مختلفة بعضها حسن نافع صالح وبعضها قبيح ضارّ شرّ فاسد فميل بعضكم إلى جانب الروح ومتوجّه إلى الخير والنوريّة وبعضكم إلى جانب النفس الأمّارة وتغلبه الظلمة .
قال بعض أهل التحقيق : إنّ النفس بأقسامها حقيقة واحدة متّحدة ويختلف باختلاف توارد الأفعال والأحوال فإنّ حقيقة المطلقة من غير اعتبار حكم معها إذا توجّهت إلى الحقّ توجّها كليّا سمّيت مطمئنّة وإذا توجّهت إلى الطبيعة توجّها كليّا سمّيت أمّارة وإذا توجّهت إلى اللَّه بالتقوى تارة وتارة إلى الطبيعة والفجور سمّيت لوّامة بدرجات السعي إمّا إلى الهدى أو إلى الهوى أيضا تختلف فمن النفوس ساعية لطلب الدرجات العالية الكاملة كالأنبياء والأولياء وبعض دونهم وبعض دونهم وكذلك من النفوس الساعية إلى الغواية فبعض يرتكب من المعاصي ما يمكن معها إدراك السعادة بالرجوع عنها وتداركها وبعض يبالغون فيها بحيث لا يساوي عذارهم بعذار الشيطان :
فكنت فتى من جند إبليس فارتقى بي الحال حتّى صار إبليس من جندي وبالجملة شرح سبحانه تفصيل تلك المساعي المتشتّتة وتبيّن أحوالها * ( [ فَأَمَّا مَنْ أَعْطى ] ) * حقوق ما له * ( [ وَاتَّقى ] ) * محارم اللَّه الَّتي نهى عنها ومن جملتها المنّ والأذى قيل : نزلت في أبي الدحداح لمّا أنفق بستانه في سبيل اللَّه * ( [ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ] ) * بالخصلة الحسنى وهي الإيمان أو كلمة الحسنى وهي لا إله إلَّا اللَّه بشروطها أو بالملَّة الحسنى