« تغشى وجوههم النار » .
* ( [ وُجُوه ٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ] ) * لعلّ وجه الابتداء بالنكرة كون تقدير الكلام : أصحاب وجوه ، ولمّا كان الذلّ والخشوع يظهران في الوجه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وقيل : المراد بالوجوه الكبراء مثل قولك : جاءني وجوه بني تميم أي سادتهم وكبراؤهم وعنى به وجوه الكفّار لأنّها تكبّرت عن عبادة اللَّه بدلالة ما بعده من الأوصاف .
* ( [ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ] ) * والمعنى أنّ أصحاب تلك الوجوه لمّا لم يعملوا للَّه في الدنيا ولم يشتغلوا بعبادته فاعملها واتبعها في النار بمعالجة السلاسل والأغلال وقيل :
يكلَّفون ارتقاء جبل حديد في النار قال الكلبيّ : يخرّون على وجوههم في النار وقيل : معناه أنّ المراد « عاملة » في الدنيا بالمعاصي « ناصبة » في النار بالعذاب وقيل : المراد « عاملة ناصبة » في الدنيا أي يعملون في الدنيا ويتعبون أنفسهم على خلاف ما أمرهم مثل أرباب البدع والَّذين يخترعون من عند أنفسهم عبادة شاقّة محرّمة برأيهم الباطل من غير أن يكون فيها للَّه رضى . قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام :
المراد كلّ ناصب لنا بالعداوة وإن تعبّد واجتهد في عبادته يؤول أمره إلى هذا العذاب .
* ( [ تَصْلى ناراً حامِيَةً ] ) * تذوق ألمها قد حميت فهي تتلظَّى على أعداء اللَّه ويلتزمون الاحتراق بالنار الَّتي في غاية الحرارة * ( [ تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ] ) * من عين متناهية بالغة في الآني أي الحرّ لتسخينها بتلك النار منذ خلقت لو وقعت قطرة منها على جبال الدنيا لذابت وإذا أدنيت من وجوههم تناثرت لحومها وإذا شربوا قطَّعت أمعاؤهم يقال : أنى الحميم أي انتهى حرّه فهو آن وبلغ هذا إناه أي غايته .
* ( [ لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ] ) * بعد أن بيّن شرابهم ذكر طعامهم والضريع يبيس الشبرق كزبرج وهو شوك يرعاه الإبل ما دام رطبا وإذا يبس نحا منه وهو سمّ قاتل ، وسمّي ذلك الشوك ضريعا لأنّه مضعف ومهزل غاية يقال : ضرع الرجل