ليتفاعل ، ثم ليتأقلم معه ، وليتمكن من تهيئة الوسائل لاستمرار تحركه باتجاه مراحل أخرى أرحب وأوسع وأرقى . فلا بد له من هداية في محيطه قبل الانتقال ، ثم هداية في حركته الانتقالية ، ثم هداية ثالثة حين بلوغه المرحلة الجديدة . فهو كالمسافر الذي يحتاج إلى هداية أولية ، ثم إلى هدايات في كل مرحلة يصل إليها ، ثم إلى هداية بعد الوصول ليكون على علم بتفاصيل وحالات ومناخ البلد الذي وصل إليه .
والعبادة والقرب من الله سبحانه لا ينحصر بالصلاة والصوم والحج . . بل إن كل عمل يمكن أن يكون عبادة . وقد يكون تفكرك بالله ، ومحاسبتك نفسك في آخر ساعة من نهار أفضل من عامة عباداتك ، الخاوية والخالية من الإخلاص والتفكر ، بل قد يصاحبها رياء وعجب ، يخرجها من دائرة كونها مظهراً من مظاهر التوحيد ، لتكون شركاً موبقاً ومهلكاً .
وقد يكون نومك عبادة إذا كنت صائماً . ولا تكون صلاتك عبادة ، كما أن كدك على عيالك ، وإحسانك لوالديك ومرابطتك على الثغور ، وسعيك في قضاء حاجات المؤمنين ، قد يوصلك إلى الدرجات العلى ، والمراتب السامية ، التي ترفعك إلى درجة عبادة الأحرار . وإذا كانت كل درجة تجعل الإنسان ينفتح على الله سبحانه ، بعقله ووعيه ، وفكره ومعرفته بصورة أتم وأكبر ، فإن صلاته - إذا بلغ بعض المراحل - ربما تصير أكثر معراجية ،
