له : استكبرت فلعنه ، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا ، فلما رأى الجهل ما أكرم اللَّه به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة ، فقال الجهل : يا رب ! هذا خلق مثلي خلقته وكرّمته وقوّيته وأنا ضده ولا قوة لي به ، فأعطني من الجند ما أعطيته ، فقال : نعم ، فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي ، قال : قد رضيت ، فأعطاه خمسة وسبعين جندا « 1 » .
أقول : وهذا الخبر لاشتماله على علوم عزيزة المنال بعيدة عن عقول الرجال لا يناسب شرحه في هذا المقال ، وإنما المراد الإشارة إلى كثرة جنود الجهل وأن عالمي الروحانيين متطابقان متساوقان وأنّ بإزاء كل حقّ باطلا وفي الخروج عن كل استقامة انحرافا بل انحرافات غير متناهية ، ولذا قال هرمس « 2 » الهرامسة في دعائه : « اللهم أنقذني من بدن الطبيعة إليك على خط مستقيم ، فإن المعوج لا نهاية له » .
بناء على أحد الوجهين في مفادة ، وإلى الإشارة بقوله تعالى : * ( وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوه ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِه ) * « 3 » .
فانظر كيف جمع السبل ووحّد الصراط والسبيل ولذا خطَّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عند نزوله خطا مستقيما على الأرض وخطوطا عن أطرافه « 4 » .
وبالجملة جنود الشيطان متكثرة منتشرة في العالم متشمرة لإضلال بني آدم ،