لجواز إبدال الظاهر من ضمير الغائب مطلقا نحو : * ( وأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) * « 1 » على أحد الوجوه ، وقوله :
على حالة لو أنّ في القوم حاتما * على جوده قد ظنّ بالماء حاتم « 2 » فجر حاتم على البدل من الهاء في جوده .
أو بدلا من قوله : « * ( الَّذِينَ ) * » بناء على أنّ المقصود بالمنعم عليهم هم الَّذين أسلموا من الغضب والضلال .
وإنّما ساغ جعله على الوجهين بدلا نظرا إلى غلبة الاسميّة عليها ، فيسقط ما قد يقال من ضعف بدليتها نظرا إلى أنّ أصل وضعها الوصف ، حسب ما سمعت أنّ معناها المغاير ، والبدل بالوصف ضعيف عندهم ، ولذا قوّى بعضهم الوجه الثالث في جرّها ، وهو كونها صفة لموصولة ، وإن كان يرد عليه أيضا أنّ أصل غير أن تكون صفة للنكرة كما مرّ تقول : مررت برجل غيرك ، فإنّها وإن أضيفت إلى أخصّ المعارف الذي هو ضمير الحاضر ، لكنّها وصفت بها النكرة فكأنك قلت : مررت برجل آخر أو برجل ليس بك ، ومن هنا مع ملاحظة لزوم تطابق الصفة للموصوف اضطرّوا إلى التأويل .
إمّا بتنكير الموصوف الَّذي هو الموصولة إجراء لها مجرى النكرة ، نظرا إلى معناه ، حيث لم يقصد بها عامّة المسلمين خاصّة ، ولا طائفة منهم بأعيانهم ، بل طائفة غير معيّنة منهم بأعيانهم ، وإن كانوا معلومين بأوصافهم ، فيجوز حينئذ أن يعامل معاملة المعرفة بالنظر إلى لفظه فيوصف بالمعرفة ، ويجعل مبتدءا ، وذا حال ، ومعاملة النكرة بالنظر إلى المعنى فيوصف بالنكرة كما يوصف بها المحلَّى