جملتها ، بل الوجود العلمي كاف في إثبات شيء له .
أقول : وفيه مضافا إلى ما مرّ ، أنّ الأظهر كما حقّق في محلَّه كون الإمكان مجعولا ، والقول بكونه من الأمور الاعتباريّة مدفوع بما سمعت من الترديد فيه بين المعنيين ، فأوّل ما خلق اللَّه سبحانه هو المشيّة الإمكانيّة ، خلقها اللَّه بنفسها ، وخلق إمكانات الأشياء بها . فلكلّ شيء إمكانات غير متناهية باعتبار المشخّصات الوجوديّة من الذاتيّة والعرضيّة ، بعد أن لم يكن شيئا أصلا ، حتى الإمكان الذي ذهب الجمهور إلى عدم كونه مجعولا ، بل أمرا اعتباريا غير متأصّل في الوجود .
وبالجملة لا ريب في امتياز الإمكان من كلّ من الوجوب والامتناع بحسب المفهوم ، وبحسب نفس الأمر ، والامتياز دليل الوجود ، إذ لا تمايز في الأعدام فلو لم يكن مجعولا لكان متقرّرا في ذاته ، ثابتا في نفسه .
ثمّ إنّ المفاهيم المعدومة الَّتي أشار إليها ، إن أراد كونها معدومة من حيث المفهوم فمن أين التحصّل والتعدّد كي يستقيم التعبير عنها بصيغة الجمع ، أو من حيث المصداق فمسلَّم ، لكنّ المفاهيم أيضا من جملة الموجودات الحادثة ، ولها وجودات واقعيّة في نفس الأمر ، وظرف وجودها الدهر لا الزمان ، ولذا لا يصحّ أن يقال : إنّها منذ كم سنة حدثت ، فإنّ الحوادث الكائنة في صقع الدهر وأفق السرمد لا نسبة لها إلى الزمان والزمانيات المتجددة المتصرّمة أصلا ، وكذلك مراتب الأعداد ، فإنّها مترتبة متمايزة والعدم المحض كيف يكون كذلك ، بل كيف يكون قابلا لشيء دون شيء ، بل كيف يصحّ أن يشار إليه ، أو يحكم عليه أو يخبر عنه بالإثبات والنفي .
ومن هنا يظهر المناقشة في قوله : يمكن أن يكون قابلا لنوع خاصّ من الوجود .
وأمّا ما أورد بعض المحشين ففيه أوّلا أنّ منع كون القابليّة من الموجودات