المنافع العائدة إلى المستحقّين ، وأخرى عارية عنها ، بل مشتملة على مفاسد لا تعدّ ولا تحصى ، فالضرورة القطعيّة قاضية بترجيح الأوّل على الثاني وترجيح المرجوح على الراجح قبيح عقلا وشرعا .
نعم لا ينبغي التكلَّم بمثل هذا الكلام مع الأشاعرة الذين يكابرون الضرورة وينكرون الحسن والقبح العقليّين ويقتحمون في أغلاط لا يليق التكلم معهم فيها ، فالأولى الاقتصار في جوابهم على ما ذكرناه أوّلا وإن عميت قلوبهم من إدراكه أيضا حيث لم يفرّقوا بين الذات والفعل وجعلوا جملة من الصفات الفعليّة قديما ثابتا للذات ، بل التزموا بإثبات قدماء سبعة أو ثمانية ، إلى غير ذلك من الشنائع الَّتي خرجوا بها من الدين المبين ، بل اعتزلوا بها عن شريعة سيّد المرسلين ، ولذا قيل :
إنّهم يلزمهم خلاف العقل لما سمعت والنقل لتعليق الأحكام في الكتاب والسنّة على العلل والمصالح والأغراض كقوله تعالى : * ( وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) * « 1 » ، * ( ولِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) * « 2 » ، * ( لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِه ) * « 3 » ، * ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ) * « 4 » ، * ( لِيَعْلَمَ اللَّه مَنْ يَخافُه بِالْغَيْبِ ) * « 5 » ، * ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) * « 6 » ، إلى غير ذلك من الآيات ، بل الأخبار الَّتي لا تحصى ولا تستقصى .
بل ربما يدعى عليه الإجماع بمعنى الاتّفاق أيضا ، فإنّ المعتزلة ومن يحذو حذوهم قائلون به ، والأشاعرة ومن تابعهم قائلون بالقياس الفقهي ، وهو فرع العلَّة