* ( ونَفْسٍ وما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها ) * « 1 » ومطمئنّة : * ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي ) * « 2 » فأمر العبد المملوك بأن يذكر المالك بالصّفات الأربع الَّتي هي الإلهيّة والرّبوبيّة والرّحمانيّة والرّحيميّة ، فيعبر بجذبات مدح الإلهيّة وشكر الرّبوبيّة وتمجيد الرحيميّة عن حجب مهالك الصّفات الأربع للنّفس فيتخلَّص من ظلمات ليلة نفسه بطلوع صبح صادق مالكيّة يوم الدّين * ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه ) * « 3 » فيذكره بفضله ورحمته إنجازا لوعده كما قال : * ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) * « 4 » ، ويشرّفه بخطاب يا أيّتها النّفس المطمئنّة ثمّ يجذبه عن غيبة نفسه إلى شهود مالكيّة فيقول له : * ( ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ ) * فيشاهد جمال المالك ، ويهيم في بيداء فيافي تلك المسالك ، ويناديه نداء عبد ذليل خاضع خاشع كما قرأ بعضهم مالك يوم الدّين بالنّصب على النّداء .
وإنّه لمّا كان الحمد إظهار صفات الكمال لا يتفاوت بالنظر إلى غيبة المحمود وحضوره ، بل هو مع ملاحظة الغيبة أدخل وأتمّ وكانت العبادة لا يليق بها الغائب ، وإنّما يستحقّها من هو حاضر لا يغيب كما حكى سبحانه عن الخليل على نبيّنا وآله وعليه السّلام * ( فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ) * « 5 » ، لا جرم عبّر سبحانه عن الحمد وإظهار الكمال بطريق الغيبة وعنها بطريق الخطاب إعطاء لكلّ منهما ما يليق به على النّمط المستطاب .
وأنّه لما لم يكن في ذكر صفات الكمال مزيد كلفة بخلاف العبادة الَّتي فيها