قرن وزمن زمن .
أنشاهم في القدم قبل كل مذروء ومبروء ، أنوارا أنطقها بتحميده ، وألهمها شكره وتمجيده ، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية واستنطق بها الخرسان بأنواع اللغات بخوعا « 1 » له بأنه فاطر الأرضين والسماوات وأشهدهم خلق خلقه وولَّاهم ما شاء من أمره وجعلهم تراجمة مشيته ، وألسن إرادته ، عبيدا لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون » « 2 » .
وقد ظهر من هذه الخطبة الشريفة كما في الأخبار المتواترة أنهم هم الفيض الأول ، والنور المشرق من صبح الأزل ، وأن اللَّه أنشأهم في القدم قبل كل شيء ، وولَّاهم أمر كل شيء ، فظهر بوجودهم محامده الفعلية الأولية ، وبوساطتهم لخلق الخلائق ورزقهم وساير فيوضهم وتجلياتهم نعمه الجليلة الجميلة التي لا تحصى ولا تستقصى على جميع خلقه ، فاللواء هو العلم الذي يرفعه الأمير للشهرة ولظهور النصرة ولتحقق الإمرة ، وحيث أنه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم هو الواسطة لجميع الإفاضات الربانية والنعم الإلهية ، بل به ظهر مجده وثناؤه ، وقدسه وفعله ، وأمره ومشيته ، فهو الظاهر والمظهر والمظهر ، وهو المخصوص بلواء الحمد والثناء والمجد والبهاء والقدس والسناء والنور والضياء والنعمة والعطاء .
وأما إن حامله علي عليه السّلام فلأنه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم مدينة العلم والحكمة وعلي بابها ، وقد قال اللَّه تعالى : * ( وأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) * « 3 » .
ولذا كان صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم صاحب التنزيل وعلي عليه السّلام صاحب التأويل ، فإن المراد بالعلم في خبر المدينة الأعم من التكويني والتشريعي ، فلا يصل شيء من الفيوض إلى