والحقّ أنّ اشتقاقه منهما تكلَّف مستغنى عنه ، بل لعلّ المعنيين مأخوذان منه على ضرب من الاشتقاق ، وإن كان فيه إشعار بالمعنيين ، سيما مع إضافته إلى اللَّه ، كما أنّه مشتقّ بالاشتقاق المعنوي من الصفات الربانية والنعوت الكمالية .
كما رواه السلمي « 1 » في « الحقائق » عن مولانا ومولى الخلائق جعفر بن محمد الصادق عليه الصلاة والسّلام أنه قال : « الحمد ثلاثة أحرف الحاء والميم والدال . فالحاء : من الوحدانيّة ، والميم :
من الملك ، والدال : من الديمومية ، فمن قال : الحمد للَّه ، فقد وصف اللَّه بالوحدانية والملك والديمومة » .
ولعل الوجه فيه أنّ الحمد التامّ الكامل الذي يفوق جميع المحامد ما كان المحمود فيه كاملا تاما في جميع الصفات الذاتية والفعلية ، والوحدانية إشارة إلى كماله في صفاته الذاتية التي هي عين ذاته تعالى بلا مغايرة حقيقية واعتبارية ، وإلا لانثلمت الوحدانية ، فإن كمال التوحيد نفي الصفات عنه بدليل أن كل صفة غير الموصوف وكل موصوف غير الصفة .
وأما الصفات الفعلية لم تكن قديمة عين الذات ولا شريكا له مع الذات ، بل حادثة بحدوث الفعل والمفاعيل كانت ملكا له ، فلذا عبر عنها به ، وحيث إن فيضه عزّ وجل في صقع الإمكان والحدوث لا يزال ولم يزل ، إذ كل يوم هو في شأن ، ولا يشغله شأن عن شأن ، فلذا استحق المحامد الجميلة الجليلة خلود دوام ربوبيته وهو المشار إليه بالديمومية .