ومن الشكر الذي هو تعظيم المنعم بالاعتراف بالنعم الواصلة إليه باللسان والأركان والجنان ، إلا أن أخصيّته من المدح على الإطلاق ومن الشكر من وجه ، فهو أعمّ من كل الأولين من وجه ، لوجوده دونهما في أفعال القلب والجوارح .
وإن اجتمع الكلّ في فعل اللسان وترتب الحمد والمدح على كل من الفضائل التي هي المزايا الغير المتعدية ، والفواضل التي هي المزايا المتعدية ، وهي المواهب والعطايا ، إلَّا أن هذا كأنّه مجرد اصطلاح لا يساعده تتبع موارد إطلاقاتها .
ولذا أنكر بعضهم تقييد الحمد بكون الجميل اختياريا ، بل ذكر شيخنا البهائي أنّ هذا التقييد غير موجود في كلام الأكثر ، بل أنكره البعض لقولهم : الصبر يحمد في المواطن كلها ، وعاقبة الصبر محمودة ، بل في القرآن : عَسى * ( أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) * « 1 » .
وفي كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام : « فعند الصباح يحمد القوم السري » « 2 » .
فلا داعي للتكلف في تلك الإطلاقات بأنه استعمل في معنى المدح أو الرضا مجازا ، أو أنّه من قبيل وصف الشيء بحال متعلقه ، أي المقام محمود صاحبه ، والسري محمود عليه كالصبر .
هذا مضافا إلى تصريح اللغويّين بعموم معناه .
قال في « الصحاح » : « الحمد أعم من الشكر ، وظاهره الإطلاق ، ولذا قال :
والمحمّد الذي كثرت خصاله المحمودة » « 3 » .
