responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الصراط المستقيم نویسنده : السيد حسين البروجردي    جلد : 3  صفحه : 28


التي هي الشيطنة فهي من جنود الجهل ومن قوى الشيطان .
وروي أن جبرئيل على نبينا وآله وعليه السّلام قال للنبي : كنت أخشى العذاب على أمتك ، فلما نزلت الفاتحة أمنت ، قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : لم يا جبرئيل ؟ قال : لأن اللَّه تعالى قال : * ( وإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) * « 1 » وآيات الفاتحة سبع ، من قرءها صارت كل آية طبقا على باب من أبواب جهنم ، فيمر أمتك عليها سالمين « 2 » .
بل ربما يقال : لهذا أثبت فيها جميع حروف التهجي إلا السبع التي هي أوائل ألفاظ دالة على نوع مما يعذب به ، وهي جهنم ، والثبور ، والخزي ، والشهيق ، والزفير ، والظلمة ، والفراق « 3 » .


( 1 ) سورة الحجر : 44 . ( 2 ) لم أظفر على مصدر له . ( 3 ) إشارة إلى ما حكى الفخر الرازي المتوفي ( 606 ) ه في « مفاتيح الغيب » ج 1 / 178 قال : قالوا : هذه السورة لم يحصل فيها سبعة من الحروف وهي : الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء . والسبب فيه أن هذه السبعة مشعرة بالعذاب ، فالثاء تدل على الثبور ، قال تعالى : * ( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً ) * الفرقان : 14 ، والجيم أول « جهنم » ، * ( وإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) * الحجر : 37 . والزاي والشين أول حروف الزفير والشهيق ، قال تعالى : * ( لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ ) * هود : 106 ، والظاء تدل على لظى * ( كَلَّا إِنَّها لَظى ) * المعارج : 15 ، والفاء تدل على الفراق ، قال تعالى : * ( يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ) * « الروم 14 » . فإن قالوا : لا حرف من الحروف إلا وهو مذكور في شيء يوجب نوعا من العذاب فما يبقى لما ذكرتم فائدة ، فنقول : أنه تعالى قال في صفة جهنم : * ( لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ ) * وأسقط سبعة من الحروف في هذه السورة وهي أوائل ألفاظ دالة على العذاب تنبيها على من قرأ هذه السورة وآمن بها وعرف حقائقها صار آمنا من المدركات السبع في جهنم ، واللَّه أعلم . وقال الآلوسي المتوفى ( 1270 ) ه في ( روح المعاني ) ج 1 / 36 : لا يقال : إذا كانت الفاتحة جامعة لمعاني الكتاب فلم سقط منها سبعة أحرف : الثاء ، والجيم ، والخاء ، والزاي ، والشين ، والظاء ، والفاء . لأنا نقول : لعل ذلك للإشارة إلى أن الكمال المعنوي لا يلزمه الكمال الصوري ، ولا ينقصه نقصانه ، وكانت سبعة موافقة لعدد الآي المشتمل على كثير من الأسرار وكانت من الحروف الظلمانية التي لم توجد في المتشابه من أوائل السور ويجمعها بعد أسقاط المكرر ( صراط علي حق نمسكه ) وهي النورانية المشتملة عليها بأسرها الفاتحة للإشارة إلى غلبة الجمال على الجلال المشعر بها تكرر ما يدل على الرحمة في الفاتحة ، وإنما لم يسقط السبعة الباقية من هذا النوع فتخلص النورانية ليعلم أن الأمر مشوب ، * ( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّه إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ ) * الأعراف : 99 ) وفي قوله تعالى : * ( نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الأَلِيمُ ) * الحجر : 49 ) إشارة وأي إشارة إلى ذلك لمن تأمل حال الجملتين . على أن في كون النورانية وهي أربعة عشر حرفا مذكورة بتمامها والظلمانية مذكورة منها سبعة وإذا طوبقت الآحاد بالآحاد يحصل نوراني معه ظلماني ونوراني خالص إشارة إلى قسمي المؤمنين فمؤمن لم تشب نور إيمانه ظلمة معاصيه ، ومؤمن قد شابه ذلك ، وفيه رمز إلى أنه لا منافاة بين الإيمان والمعصية ، فلا تطفئ ظلمتها نوره ، وأما حديث « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن » فمحمول على الكمال . وإذا لوحظ الساقط وهو الظلماني المحض المشير إلى الظالم المحض الساقط عن درجة الاعتبار والمذكور وهو النوراني المحض المشير إلى المؤمن المحض ، والنوراني المشوب المشير إلى المؤمن المشوب يظهر سر التثليث في * ( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِه ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) * « فاطر : 32 » . وإنما كان الساقط هذه السبعة بخصوصها من تلك الأربعة عشر ولم يعكس ، لسر علمه من علمه وجهله من جهله ، نعم في كون الساقط معجما فقط إشارة إلى أن الغين في العين والرين في البين فلهذا وقع الحجاب وحصل الارتياب . وللعلامة فخر الدين الرازي في هذا المقام كلام ليس له في التحقيق أدنى إلمام ، حيث جعل سبب إسقاط هذه الحروف أنها مشعرة بالعذاب . ولا يخفى ما في كلامه وجوابه لا يغنيه ولا ينفعه إذ لقائل أن يقول : فلتسقط الذال ، والواو ، والنون ، والحاء ، والعين ، إذ هي من الذل والويل والنار والحميم ، والعذاب وتكون الفائدة في إسقاطها كالفائدة في إسقاط تلك من غير فرق أصلا ، وأما نسبته لأمير المؤمنين كرم اللَّه وجهه حين سأل قيصر الروم معاوية عن ذلك فسأل عليا عليه السّلام فأجاب فلا أصل له . وعلى تقدير التسليم فما مرام الأمير عليه السّلام بالاكتفاء على هذا المقدار إلا التنبيه للسائل والمسؤول على ما لا يخفى عليك من الأسرار فافهم ذلك اللَّه تعالى هداك . انتهى .

نام کتاب : تفسير الصراط المستقيم نویسنده : السيد حسين البروجردي    جلد : 3  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست