وقال مولانا الصادق عليه السّلام : « إنه هو المشيّئ ونحن الشيء ، وهو الخالق ونحن المخلوق ، وهو الرب ونحن المربوب ، وهو المعنى ونحن أسماؤه ، وهو المحتجب ونحن حجبه » « 1 » .
فكان كما قلت شعرا :
ففي أزل الآزال قبل الخليقة * تجلى له فيه بسرّ الهوية فلمّا تجلَّى نوره بأشعّة * ربوبية كانت بنفس المشية بدا ظاهرا للكل بعد احتجابه * بكل ففي الأشياء أسرار وحدة فافهم الإشارة بسر العبارة تغفلها القلوب اللاهية وتعيها أذن واعية .
وربما يقال : إنّ من جملة أسرار افتتاح الكتاب التدويني بالباء واختتامه بالسين أنه كفى بهذا النور اللامع والضياء الساطع والكتاب الجامع ، إذ المؤلف من الحرفين كلمة ( بس ) يقال : بسك ، أي حسبك ، كما في « القاموس » وغيره ، فكأنه يشير فيما أضمر : حسبك من الكونين ما أعطيناك بين الحرفين لتقرّ به العين .
وإليه أشار الحكيم الغزنوي فيما أنشده بالفارسية :
أول وآخر قرآن ز چه با آمد وسين * يعنى أندر ره دين رهبر تو قرآن بس ويقال : إن الباء في بسم كشف البقاء لأهل الفناء ، والسين كشف سناء القدس لأهل الأنس ، والميم كشف الملكوت لأهل النعوت .
وإن الباء برّه للعموم ، والسين سرّه للخصوص ، والميم ملك الولاية .
وروي عن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « أن الباء بهاؤه ، والسين سناؤه ، والميم مجده » « 2 » .
وقيل : إن البهاء بمعنى الضياء الذي هو الأصل ، والسناء هو النور والشعاع الذي هو الفرع .