أما الأول : فلأن وجودهم سبب لبقاء نظام العالم ، فلو لم يكن وجودهم لم يكن عالم ولا نظام ولا أشجار ولا أثمار .
وأمّا الثاني : فلأنهم المدبرون في هذا العالم بإذن ربهم .
أقول : ولعل الأولى ترك التقييد بهذا العالم في كلامه الأخير لما ورد من أنّهم الحجج للَّه سبحانه على خلقه في جمع العوالم التي ورد في بعض الأخبار أنها ألف ألف عالم على ما يأتي في تفسير قوله تعالى * ( رَبِّ الْعالَمِينَ ) * .
وبالجملة فهم المقصود في جميع النشئات والعوالم ، ولذا خوطب النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بقوله : « لولاك لما خلقت الأفلاك » « 1 » .
وبقوله : « خلقتك لأجلي وخلقت الأشياء لأجلك » .
وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض خطبة المذكورة في « نهج البلاغة » : نحن « صنائع اللَّه والخلق بعد صنائع لنا أو صنائع اللَّه لنا » « 2 » .
وإن كانت العبارة أيضا صالحة للإشارة إلى كونهم العلة الفاعلية .
وفي الخبر المذكور في كتاب « الأنوار » على ما حكاه في البحار عن مولانا أمير المؤمنين روحي له الفداء : « إنّ نور نبينا محمد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بقي الف عام بين يدي اللَّه عزّ وجل واقفا يسبّحه ويحمده والحق تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول : يا عبدي أنت المراد والمريد وأنت خيرتي من خلقي ، وعزتي وجلالي لولاك لما خلقت الأفلاك » « 3 » .
