كما روي في « الكافي » عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : « خلق اللَّه المشيئة بنفسها ، ثم خلق الأشياء بالمشيئة » « 1 » .
وهذه هي المشية التدوينية التي تطابق المشية التكوينية ، بل هي هي بعينها ، نزلت من جبروت الحقيقة إلى ناسوت الحروف ، فهي مادة المواد ، وحقيقة الحقائق ، والواحد البسيط في الممكنات والموجودات واسطقش الأسطقسات ومنها ظهرت الموجودات كما في الخبر النبوي المتقدم .
وهي القطب الذي تدور رحى الكائنات ، وإليه الإشارة في الخطبة الشقشقية بقوله : « وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى » .
أي من الخلافة المطلقة الكلية التكوينية والتشريعية ، ولذا عقبه بقوله : « ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير » « 2 » .
فهي القطب الأعظم والعماد الأقوم ، وإليها الإشارة بقوله تعالى :
* ( وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) * « 3 » .
وللَّه در من قال :
قد طاشت النقطة في الدائرة * ولم تزل في ذاتها حائرة محجوبة الإدراك عنها بها * منها لها جارحة ناظرة سمت على الأسماء حتى لقد * قومّت الدنيا على الآخرة ومما مر ظهر سر ما في الخبر من ظهور الموجودات بها ومنها ، فإن المشية الكلية هي الوجود المطلق المفاض من الوجود الحق ، فإن الوجود ثلاثة :
