الفصل الأوّل الباء في الباء والبحث فيها مرة في الأحكام اللفظية ، وأخرى في الحقائق العلمية .
أمّا الأحكام اللفظية فاعلم أنّ الباء من الحروف المفردة المعانيّة التي لها معنى حرفي لا المبانيّة التي يتركب منها الكلام ، ومن حقّها أن تفتح فإنهم لمّا بالغوا في تخفيفها بوضعها في الأصل على حرف واحد ، وكانت مبنيّة ، والأصل في البناء السكون ، وتعذر الابتداء بالساكن بنوها على الفتح ، لأنه أخفّ الحركات لكنهم قالوا : إنّها لمّا اختصت من بين الحروف بلزوم الحرفية ، والجر المقتضي لزوم كل منهما لمناسبة الكسر مناسبة ضعيفة لاقتضاء الحرفية عدم الحركة والكسر يناسب العدم لقلته ، بل لعدمه في الفعل ، واقتضاء الجر موافقه حركتها لأثرها ، فلذلك كسروها ، كما كسروا لام الجارّة ، ولام الأمر دفعا لالتباسهما بلام الابتداء ، ولذا فتحوا الداخلة على المضمر سوى ياء المتكلم المكسورة للمناسبة ، إذ اللبس مرتفع بجوهر المدخول عليه ، بخلاف الداخلة على المظهر .
والفرق بالإعراب لا يجدي في المبنى وما قدر إعرابه أو وقف عليه ، ولم يعكسوا بأن يجر والجارّة على الأصل الذي هو الفتح دون الابتدائية لملاحظة ترافق العامل وأثره .
وأمّا الداخلة على المستغاث فإنما فتحت لتتميّز من المستغاث له مع أنه في موضع ضمير أدعوك ، فكأنها داخلة على المضمر .
