[ سورة الجن ( 72 ) : الآيات 1 الى 2 ] بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّه اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ( 1 ) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِه ولَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ( 2 ) قوله تعالى : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّه اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [ 1 ] قال : كان تسعة نفر من نصيبين اليمن ، والنفر اسم يقع على الثلاثة إلى العشرة ، جاؤوا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهو يقرأ القرآن في الصلاة ، وكانوا من أمثل قومهم في دينهم ، فلما سمعوه رقوا له فآمنوا به ، ورجعوا إلى قومهم منذرين . فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ( 1 ) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ [ 1 - 2 ] يعني يدل على اتباع سنن المصطفى صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . وقال سهل : رأيت في دار عاد الأولى مدينة مبنية من حجر ، فيها قصر عظيم منقور من حجر يأويه الجن ، فدخلت القصر معتبرا ، فرأيت شخصا عظيما قائما يصلي نحو الكعبة ، عليه جبة صوف بيضاء بها طراوة ، فعجبت لطراوة جبته ، وانتظرت حتى فرغ من صلاته ، فقلت : السلام عليك . فقال : وعليك السلام يا أبا محمد ، عجبت لطراوة جبتي وهي علي منذ تسعمائة سنة ؟ فيها لقيت عيسى ابن مريم ومحمدا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فآمنت بهما ، واعلم يا أبا محمد أن الأبدان لا تخلق الثياب ، وإنما يخلقهما مطاعم السحت والإصرار على الذنوب . فقلت : ومن أنت ؟ فقال : أنا من الذين قال اللَّه تعالى في حقهم : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّه اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [ 1 ] . وسئل سهل : هل يدخل الجن الجنة ؟ فقال : بلغني أن في الجنة براري يسكنها الجن ، ويأكلون فيها ويشربون ، وفي القرآن دليل عليه ، قال تعالى : لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَانٌّ [ الرحمن : 74 ] .
[ سورة الجن ( 72 ) : آية 18 ]
[ سورة الجن ( 72 ) : آية 18 ] وأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّه فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّه أَحَداً ( 18 ) قوله تعالى : وأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّه فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّه أَحَداً [ 18 ] قال : أي لا تدعوا مع اللَّه شريكا ، أي ليس لأحد معي شريك في شيء يمنع عبادي من ذكري ، كذلك ما كان للَّه تعالى فهو على هذه الجهة ، ليس لأحد فيه سبيل المنع والزجر .
[ سورة الجن ( 72 ) : آية 22 ]
[ سورة الجن ( 72 ) : آية 22 ] قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّه أَحَدٌ ولَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِه مُلْتَحَداً ( 22 ) قوله تعالى : قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّه أَحَدٌ ولَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِه مُلْتَحَداً [ 22 ] قال : أمره بالافتقار واللجوء إليه ، ثم بإظهارهما بقوله ، ليزيد بذلك للكافرين ضلالا وللمؤمنين إرشادا ، وهي كلمة الإخلاص في التوحيد . إذ حقيقة التوحيد هو النظر للحق لا غير ، والإقبال عليه ، والاعتماد ، ولا يتم ذلك إلا بالإعراض عما سواه ، وبإظهار الافتقار واللجوء إليه . واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .