فبناءً على هذا المنهج يستحيل انطباق لفظٍ على لفظٍ في المعنى ولو كانا من مادةٍ لغويةٍ واحدةٍ كما قدّمنا في شرح نصَّ القاعدة الأولى . وبذلك يتمكّن المنهج من التفريق بين الجموع واستعمالاتها ، ممَّا يظهر البناء المحكم للقرآن وإعجازه ومعارفه .
ففي هذا المثال السابق عن الأخوة والأخوان ، وجد المنهج أن لفظ ( أخوة ) جمعٌ يستخدم في القرآن للأخوة في الرحم فقط ، ولفظ ( اخوان ) هو جمعٌ يستعمل للروابط التي لا تقوم على صلة الرحم . فالأخوة هم الذين ولدوا من رحمٍ أو صلبٍ واحدٍ أو كليهما ، والأخوان هم الذين اتّفق أن تكون بينهم علاقةٌ ما في هذه الحياة كأنْ يعيشوا في مكانٍ واحدٍ ، أو يضمّهم نظامٌ واحدٌ . ولا يشترط أن يكونوا متّفقين في المبادئ .
لاحظ الموارد :
* ( وجاء أخوةُ يوسف ) * ( يوسف 28 ) * ( فإن كان له أخوةٌ فلأمّه السدس ) * ( النساء 11 ) * ( وإن كانوا أخوةٌ رجالاً ونساء فللذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيين ) * ( النساء 176 ) * ( إنّما المؤمنون أخوةٌ ) * ( الحجرات 10 ) وتلاحظ هنا أن المورد الأخير جعل المؤمنين ( أخوة ) بالرغم من غياب صلة الرحم بينهم خلافاً للقاعدة ، في حين أنه سمّى الذين آمنوا في موضعٍ آخرٍ ( إخواناً ) جرياً على القاعدة :
* ( فألّفَ بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ) * ( آل عمران 103 ) لأنَّ الخطاب في آية فألّف موجّهٌ ( للذين آمنوا ) وهم خليطٌ مختلفٌ عن جماعة ( المؤمنين ) الذين فيهم .
فاللفظ ( المؤمنون ) يُراد به في القرآن من كان مؤمناً حقاً ، فلذلك سماهم ( أخوة ) ، لأنَّ الصلة بينهم كصلة الأرحام ، بل أعظم كما تدلّ عليه اقترانات لفظ ( المؤمنون ) .
أما موارد لفظ ( أخوان ) فهي :
* ( وإنْ تخالطوهم فإخوانكم ) * ( البقرة 220 ) * ( إنَّ المبذّرينَ كانوا أخوان الشياطين ) * ( الإسراء 27 ) * ( وإخوانُهُم يمُدُّونَهم في الغيِّ ثُمَّ لا يُقصِرون ) * ( الأعراف 202 ) * ( وعادٌ وفرعونُ وإخوانُ لوطٍ ) * ( ق 13 )
