بقرآن الفجر ما يقرأ في صلاة الفجر أي الصبح ، وأيضا اتفقوا على أن وقتها يبتدئ من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس إلا المالكية فإنهم قالوا :
للصبح وقتان : اختياري ، وهو من طلوع الفجر إلى تعارف الوجوه ، واضطراري ، وهو من تعارف الوجوه إلى طلوع الشمس . . ومن الطريف قول بعض الصوفية : ان المراد بالفجر انفجار القلب .
واجمع المفسرون بشهادة الطبرسي والرازي على أن المراد بقوله تعالى :
( مشهودا ) ان ملائكة الليل والنهار يجتمعون ليشهدوا صلاة الصبح استنادا إلى رواية رواها البخاري عن أبي هريرة في ج 6 ، فصل سورة بني إسرائيل . .
ونحن في شك من هذه الرواية ، ونفسر ( مشهودا ) بحضور الحواس لأن الإنسان عند الصباح يكون حاضر الحواس بعد أن أخذت قسطا من الراحة بالنوم ، وبقيت أمدا بلا عمل ، ولذا قيل : ما انقض النوم لعزائم اليوم .
3 - ( ومِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ) . تهجد اسهر ، والخطاب خاص بمحمد ( ص ) وحده ، وضمير به للقرآن ، والنافلة الزيادة ، ولك اللام للاختصاص ، والمعنى أن اللَّه قد فرض عليك يا محمد صلاة أخرى تصليها في الليل زيادة على الصلوات الخمس المفروضة عليك وعلى غيرك . قال تعالى : « يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً - أول المزمل . وقال : « ومِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً » - 26 الدهر . . وتسمى هذه الصلاة صلاة الليل ، ووقتها من نصف الليل إلى الفجر ، وهي واجبة على النبي ( ص ) كما قلنا ، ومستحبة لغيره .
( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) . عسى تدل على الرجاء في كلام المخلوق ، وعلى الوجوب والحتم في كلام الخالق ، والخطاب في يبعثك لمحمد ( ص ) . . ولا شيء فوق محمد ، ومقام محمد ، وآل محمد إلا الذي ليس كمثله شيء ، وفي بعض الأحاديث ان النبي ( ص ) فسر المقام المحمود في هذه الآية بالمقام الذي يشفع فيه غدا لأمته .
( وقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ) . أمر اللَّه نبيه الكريم أن يدعو بهذا الدعاء . . وصدق المدخل والمخرج كناية عن الحق والإخلاص في العقيدة والقصد والأفعال وجميع الحركات والسكنات ، وما من شك أن من تسلح بالحق ، وأخلص للَّه وحده ثبته اللَّه بالقول الثابت ، وأمده بالحجة الدامغة ،