ج - ( ورَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ) . وكل ما يجلب للإنسان نفعا بجهة من الجهات ، أو يدفع عنه ضرا كذلك فهو طيب وخير وحسن ، ماديا كان أو معنويا .
د - ( وفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً ) . قال كثير من المفسرين :
ان المراد بكثير في الآية الجميع ، ورتبوا على ذلك تفضيل الإنسان على الملائكة ، واستغرقت هذه المسألة الصفحات الطوال من التفاسير ، مع العلم بأنه لا أثر عملي من إثارتها وتحقيقها إلا تكثير الكلام .
والصحيح أن الآية بعيدة كل البعد عن التفضيل بين الملائكة والإنسان ، وان المراد بكلمة ( كثير ) المعنى الظاهر منها ، إذ لا موجب لتأويلها والتصرف بدلالتها . بل العلم يحتم بقاءها على ظاهرها لأن الكشوف العلمية قد أبطلت النظرية القائلة : ان الأرض هي مركز الكون ، والإنسان هو سيد الكون بكامله ، وأكدت هذه الكشوف ضآلة الإنسان بالنسبة إلى الكون من حيث الضخامة وكثير غيرها من الصفات ، وهذه الكشوف يقرها ويعترف بها القرآن ، فلقد جاء في الآية 57 من غافر قوله تعالى : « لَخَلْقُ السَّماواتِ والأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ » بأن هذا الكوكب الأرضي الذي يعيشون عليه إن هو إلا واحد من ملايين ملايين الكواكب التي لا يعرف العلم الحديث عددها على الرغم من انه اكتشف ابعادا لا نهاية لها . . هذا ، إلى أن كثيرا من العلماء يقولون : ان هناك كواكب تسكنها كائنات عاقلة ربما أعقل وأرقى من الإنسان . .
وبالتالي فان الإنسان سيد كريم ، ما في ذلك ريب ، ولكنه ليس سيد المخلوقات كلها ، بل واحدا من السادات . . ولا شيء أدل على ذلك من جهل الإنسان بأكثر الكائنات علاوة عن ضعفه وعجزه عن التصرف فيها ، بل هو جاهل بأكثر الكائنات الأرضية زيادة على جهله بالكائنات العلوية التي تتكون من ملايين المجرات . . وبديهة أن أول شرط للسيد قدرته على التصرف في المسود . .
وبعد أن شرحنا ألفاظ الآية الكريمة نشير فيما يلي إلى طرف من الخصائص التي كرّم اللَّه بها بني آدم :
1 - خلق اللَّه سبحانه الإنسان ، فأحسن خلقه وصورته ، قال تعالى :