المعنى :
( وإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) .
ضمير انه للقرآن ، والمراد بالروح الأمين جبريل ( ع ) ، والخطاب في قلبك لمحمد ( ص ) . . بعد أن ذكر سبحانه قصص من تقدم من الأنبياء ذكر محمدا والقرآن ، وان جبريل نزل به على الرسول الأعظم ليجاهد الكافرين والمعاندين بآياته وبيناته . . وسمي جبريل بالروح لأنه نزل بالقرآن ، وهو هدى وشفاء للأرواح : « قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وشِفاءٌ » - 44 فصلت ، وسمي أيضا بالأمين لأنه مطيع للَّه ، حريص على تأدية رسالاته كما هي إلى أنبيائه تعالى ، وهو أيضا عليم بها وبمقاصدها ( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) . أنظر تفسير الآية 2 من سورة يوسف ج 4 ص 286 . وبينا هناك السبب لنزول القرآن باللغة العربية .
( وإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ ) أي ان بعض الكتب السابقة على محمد ( ص ) بشرت به وبالقرآن . . وفيما تقدم أثبتنا بالأدلة العقلية والنقلية ان القرآن وحي من عند اللَّه ، فمن الأدلة العقلية ان القرآن تحدى الجاحدين أن يأتوا بسورة من مثله ، فحاولوا وعجزوا ، وانه أخبر عن المغيبات ، فجاءت كما هي ، وانه يتحمل الكثير من وجوه التفسير ، ولا سر لهذا إلا لأنه ممن أحاط بكل شيء علما . .
أنظر تفسير الآية 23 من سورة البقرة ج 1 ص 65 وما بعدها ، وتفسير الآية 53 من سورة النساء ج 2 ص 350 وما بعدها ، وتفسير الآية 82 من سورة النساء ج 2 ص 389 ، وتفسير الآية 55 من سورة النور ، فقرة « وجه آخر لأعجاز القرآن » .
أما الأدلة النقلية فمنها ان التوراة والإنجيل الأصليين قد بشرا بمحمد ( ص ) كما صرحت الآية 157 من سورة الأعراف ، وأيضا بشرت به بعض الكتب الدينية الموغلة بالقدم - غير التوراة والإنجيل - أنظر تفسير الآية 46 من سورة البقرة ج 1 ص 233 ، وفقرة « هل الأنبياء كلهم شرقيون » ج 2 ص 492 .
( أَولَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ ) . كان علماء اليهود قبل البعثة يبشرون بمحمد ( ص ) ، ويحدثون العرب عنه ، ويذكرونه بصفاته لقريش وغيرهم