انا . وما علمي ( ما ) نافية وعلمي مبتدأ والخبر محذوف أي ما علمي ثابت وبما متعلق بعلمي . وبطارد الباء زائدة إعرابا وطارد خبر أنا .
المعنى :
( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ) . المرسل إليهم واحد ، وهو نوح ( ع ) ، ولكن من كذّب رسولا واحدا من رسل اللَّه فقد كذّب جميع رسله بالنظر إلى ان المرسل واحد ، والرسالة واحدة ( إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ ) ومن أخذ بالتقوى كان في أمن وأمان من غضب اللَّه وعذابه ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) وصف نفسه بالأمانة التي عرفوه بها صغيرا وكبيرا ، تماما كما عرفت قريش محمدا ( ص ) بالصدق والأمانة في جميع أدواره وحالاته ( فَاتَّقُوا اللَّهً وأَطِيعُونِ ) فإني أدعوكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم دنيا وآخرة ( وما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ) . كل رسول أجره على المرسل ، لا على المرسل إليه .
وهل يستجيب الناس ويثقون بمن يطمع فيهم وفي أموالهم ؟ تقدم مثله في الآية 90 من سورة الأنعام ج 3 ص 221 والآية 29 من سورة هود ج 4 ص 225 ( فَاتَّقُوا اللَّهً وأَطِيعُونِ ) لا سبب لتكرار الأمر بالتقوى إلا لأنها العمدة والأصل .
( قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ واتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ ) . طعنوا برسالة نوح لا لشيء إلا لأن الفقراء قد آمنوا بها والفقراء لا قيمة لهم - إذن - رسالة نوح لا قيمة لها . .
وبكلام آخر ان المترفين لا يحيون حياة الفقراء ، فكيف يؤمنون بما آمنوا به ؟ . .
وهكذا يفعل الترف في النفس المجرمة ، يعميها عن الحق ، ويخلق فيها الطغيان والكبرياء .
( قالَ وما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي ) . قال نوح للذين جادلوه في الفقراء : ان قيمة المرء بمقاصده وأعماله ، لا بالجاه والمال ، وما علمت من الذين تزدري أعينكم انهم أساؤا إلى أحد في قول أو فعل ، والسرائر إلى اللَّه ، فهو وحده يعلمها ويحاسب عليها ( لَوْ تَشْعُرُونَ ) ان قيمة الإنسان بالأعمال لا بالأموال ، وان الظاهر للناس ، والباطن للَّه ( وما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) . تقدم في الآية 29 من سورة هود ج 4 ص 326 .