المعنى :
( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ ) . النفخ في الصور كناية عن بعث من في القبور ، ولا أنساب بينهم أي لا تعاطف ولا تراحم بين الأرحام والأقارب « يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ » . وبالأولى عن غيره . . أبدا لا شيء في ذلك اليوم الا الايمان والعمل الصالح : « وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا » - 97 مريم . وفي الحديث : ان اللَّه يقول يوم القيامة : اليوم أضع نسبكم ، وأرفع نسبي ، أين المتقون ؟ والنسب مأخوذ من المناسبة ، والقرابة مأخوذة من القرب .
ولا قرب من اللَّه إلا بالتقوى . أنظر المجلد الثاني ص 137 فقرة « التقوى » والرابع ص 136 فقرة « أين المتقون » ؟ .
( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ومَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ ) تقدم في الآية 8 من سورة الأعراف ج 3 ص 303 فقرة « ميزان الأعمال » ، وأيضا تكلمنا ثانية عن هذا الميزان عند تفسير الآية 47 من سورة الأنبياء فقرة « الميزان يوم القيامة وصاحب الاسفار » .
( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وهُمْ فِيها كالِحُونَ ) . كلحت الوجوه كشرت في عبوس ، وعبّر سبحانه هنا بالوجه عن جميع البدن لأنه أشرف ما فيه ، وعن رسول اللَّه ( ص ) انه قال : ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم ( أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ ) . هذا توبيخ وتقريع لأنهم كذبوا بحجج اللَّه وبيناته ( قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ ) .
اعترفوا بذنوبهم بعد أن انقطع التكليف ، وانسد باب التوبة . وتقدم مثله في الآية 4 من سورة الأعراف و 14 من سورة الأنبياء ( رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ ) . قالوا هذا بعد أن برزوا لفصل القضاء ، وبعد أن حقت عليهم الحقائق ، وقد كانوا من قبل في طغيانهم يعمهون ، ومن أجل هذا ( قالَ » - اللَّه لهم - « اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ ) وهي كلمة يزجر بها الكلاب ، وقد تجلى فيها غضب اللَّه وجبروته .
( إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا وأَنْتَ خَيْرُ