responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 5  صفحه : 361


حيث قال : ( ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) .
عرض ، جلت عظمته ، في هذه الآية النشأة الأولى للإنسان ، وكيف انتقل به سبحانه من طور إلى طور ، والهدف الأول من ذلك أن ندرك الدلائل على وجود الخالق وعظمته ، أن نفكر وننظر إلى هذا المخلوق العجيب في صورته وهيئته ، وفي عقله وإدراكه ، هذا الإنسان صاحب التاريخ والحضارات ، هذا الكائن الذي يملك من القوى والطاقات ما لا يملكه مخلوق ، والذي خاطبه العارفون بهذا التعظيم : « وفيك انطوى العالم الأكبر » هذا العجيب من أين أتى ؟ ومن أي شيء خلق ؟ وتجيبنا الآية بأنه خلق من طين ، من تراب وماء ، من الأصل الذي خلقت منه الحشرات والنباتات . . وهنا يكمن الدليل والبرهان ، فان الشيء الواحد لا ينشئ شيئين متناقضين : الإدراك واللا إدراك ، والعمى والبصر . . إذن هناك سر ، ولا تفسير لهذا السر الا بقوة قادرة عالمة وراء هذا الشيء الواحد ، وهذه القوة هي التي فرّقت وميّزت بين الشيئين المتناقضين اللذين خلقا من أصل واحد [1] ، وبعد هذه الإشارة إلى الهدف من الآيات الواردة في خلق الإنسان نبين المعنى المراد من الآيات التي نحن بصددها .
( ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) . المراد بالإنسان هنا ابن آدم ، لا آدم بالذات لأن سياق الكلام ، وهو قوله تعالى : « ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً » يحتم ذلك . . وآدم وأبناؤه كلهم من طين ، من تراب وماء ، والفرق ان آدم خلق منهما مباشرة ، وأبناؤه بواسطة الأغذية التي تتوالد من الأرض والماء .
( ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ) في أصلاب الآباء ، ومنها إلى أرحام الأمهات ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ) تقدم في الآية 5 من سورة الحج .
( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً ) . قسّم المضغة إلى عظام وعروق ولحم ، ثم خلق من المجموع أعضاء عديدة ومتنوعة ، والتفصيل في علم التشريح ( ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ) إنسانا سويا مباينا في شكله وحقيقته لخلقه الأول ( فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) . ولا شيء أدل على هذه الحقيقة من خلق الكون بنظامه الثابت ، ومن



[1] انظر ما قلناه بعنوان « الإنسان بذاته برهان » في ج 1 ص 74 .

نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 5  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست