الأمر الثاني : أن يعدلوا بين الناس ، ويحقوا الحق ، ويبطلوا الباطل ، وهذا هو المراد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فان أخل الحكام بواحد من هذين فان اللَّه يهملهم ويكلهم إلى أنفسهم .
وتسأل : لقد شاهدنا كثيرا من الحكام لا يؤمنون باللَّه من الأساس فضلا عن التعبد له بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، ومع ذلك استقام لهم الملك ، وانقادت إليهم الرعية لأنهم حققوا أهدافها ، وعملوا من أجل أمانيها ، ولم يحاسبهم أحد من رعيتهم على كفرهم وجحودهم ، إذن عنصر الايمان وعبادة الرحمن ليس شرطا لدوام الملك واستقامته ؟ .
الجواب : المراد بنصر اللَّه في الآية هو تثبيت الملك في الدنيا ، والثواب في الآخرة ، بل هذا الثواب هو النصر الحقيقي لأن ملك الدنيا إلى زوال ، ومشوب بالكدر ، أما نعيم الآخرة فدائم إلى ما لا نهاية ، وهو صفو وهناء من جميع جهاته . . والحاكم الكافر قد يستقيم له الملك في الدنيا ان عدل ، أما في الآخرة فله عذاب الحريق على كفره بالأدلة الكونية على وجود المكوّن والمصور ( ولِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ ) هو وحده مالك الملك يؤتي الملك من يشاء ، ويمنعه عمن يشاء وهو على كل شيء قدير .
وإِنْ يُكَذِّبُوكَ الآية 42 - 51 وإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وعادٌ وثَمُودُ ( 42 ) وقَوْمُ إِبْراهِيمَ وقَوْمُ لُوطٍ ( 43 ) وأَصْحابُ مَدْيَنَ وكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ ( 44 ) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وقَصْرٍ مَشِيدٍ ( 45 ) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ